للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْعَكْسِ» وَهُوَ الْمَنْعُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، لِأَنَّهُ إِنْكَارٌ لِمَا اعْتَرَفَ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ.

مِثَالُهُ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: الْأُرْزُ مَكِيلٌ، فَحَرُمَ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالْبُرِّ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: لَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْكَيْلَ عِلَّةٌ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِيهِ: إِمَّا الْكَيْلُ، أَوِ الطَّعْمُ، أَوِ الْقُوتُ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ يَصْلُحُ عِلَّةً، وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِدَلِيلِهِ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: سَلَّمْتُ أَنَّ الْبُرَّ مُشْتَمِلٌ عَلَى عِلَّةِ الرِّبَا، لَكِنْ لِمَ قُلْتَ: إِنَّ الْكَيْلَ هُوَ الْعِلَّةُ؟ لَصَحَّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ تَسْلِيمٌ بَعْدَ مَنْعٍ، وَرُجُوعٌ عَنِ النِّزَاعِ فِي وُجُودِ الْوَصْفِ.

وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا: لِمَ قُلْتَ: إِنَّ الْكَيْلَ عِلَّةٌ؟ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: الْعِلَّةُ إِمَّا الْكَيْلُ، أَوِ الطَّعْمُ، أَوِ الْقُوتُ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ عِلَّةٌ؛ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ سُؤَالَهُ عَنْ دَلِيلِ عِلِّيَّةِ الْكَيْلِ تَسْلِيمٌ لِوُجُودِهِ، وَلِصَلَاحِيَتِهِ لِلْعِلَّةِ، وَإِنْكَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَاحِيَتَهُ لِلتَّعْلِيلِ إِنْكَارٌ لِمَا سَلَّمَهُ.

قُلْتُ: وَفِي تَحَقُّقِ هَذَا نَظَرٌ، إِذْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ التَّقْسِيمِ وَالْمُطَالَبَةِ، حَتَّى يَكُونَ إِيرَادُ التَّقْسِيمِ بَعْدَهَا إِنْكَارًا بَعْدَ اعْتِرَافٍ، إِذْ حَاصِلُ التَّقْسِيمِ هُوَ إِنْكَارُ وُجُودِ عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ فِي الْأَصْلِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُعْتَرِضِ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْتَهُ عِلَّةٌ؟

مِثَالُهُ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: الْأُرْزُ مَكِيلٌ، فَحَرُمَ فِيهِ الرِّبَا كَالْبُرِّ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ هُوَ الْعِلَّةُ فِي الْبُرِّ؛ كَانَ هَذَا إِنْكَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>