للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسَةُ: الْجُمْهُورُ لَا يَشْتَرِطُ لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ; وَأَوْمَأَ إِلَى الْأَوَّلِ.

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِلسُّكُوتِيِّ ; وَقِيلَ: لِلْقِيَاسِيِّ.

لَنَا: الْإِجْمَاعُ: الِاتِّفَاقُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَالسَّمْعِيُّ عَامٌّ ; فَالتَّخْصِيصُ تَحَكُّمٌ، وَلِأَنَّهُ لَوِ اشْتُرِطَ لَمَا صَحَّ احْتِجَاجُ التَّابِعِينَ عَلَى مُتَأَخِّرِي الصَّحَابَةِ بِهِ، وَلَامْتَنَعَ وُجُودُهُ أَصْلًا لِلتَّلَاحُقِ، وَاللَّازِمَانِ بَاطِلَانِ، وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ «الْخَامِسَةُ: الْجُمْهُورُ» أَيْ: مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ «لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضُ» عَصْرِ الْمُجْمِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ ; «خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ» وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ ; مِنْهُمُ ابْنُ فُورَكٍ، «وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ» وَقَوْلُهُ الْمُوَافِقُ لِلْجُمْهُورِ أَوْمَأَ إِلَيْهِ إِيمَاءً، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِي: «وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ» وَأَعْنِي اشْتِرَاطَ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ «وَأَوْمَأَ إِلَى الْأَوَّلِ» يَعْنِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ.

«وَقِيلَ» أَيْ: قَالَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ: «يُشْتَرَطُ» انْقِرَاضُ الْعَصْرِ لِلْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُ بَعْضِهِمْ نَظَرًا وَتَأَمُّلًا، لَا جَزْمًا وَوِفَاقًا، ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ دَلِيلُ الْخِلَافِ، فَيَجِبُ قَبُولُهُ مِنْهُمْ، وَإِظْهَارُ الْخِلَافِ بَعْدَ السُّكُوتِ دَلِيلُ ظُهُورِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، لِانْتِفَاءِ هَذَا الِاحْتِمَالِ.

«وَقِيلَ» أَيْ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُهُ لِلْإِجْمَاعِ الْقِيَاسِيِّ، أَيِ: الْمُنْعَقِدُ عَنْ قِيَاسٍ، كَنَحْوِ مَا سَبَقَ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>