الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَعَبَّدًا بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، خِلَافًا لِقَوْمٍ.
لَنَا: لَا مُحَالَ ذَاتِيَّ، وَلَا خَارِجِيَّ.
قَالُوا: يُمْكِنُهُ التَّحْقِيقُ بِالْوَحْيِ، وَالِاجْتِهَادُ عُرْضَةُ الْخَطَأِ.
قُلْنَا: الظَّنُّ مُتَّبَعٌ شَرْعًا وَلَا يُخْطِئُ لِعِصْمَةِ اللَّهِ لَهُ، أَوْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فَيَسْتَدْرِكُ، أَمَّا وُقُوعُهُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ، وَأَنْكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ.
لَنَا: (اعْتَبِرُوا) وَهُوَ عَامٌّ، فَيَجِبُ الِامْتِثَالُ، وَعُوتِبَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ وَالْإِذْنِ لِلْمُخَلَّفِينَ، وَلَوْ كَانَ نَصًّا لَمَا عُوتِبَ، وَقَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ» وَ «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ. لَوَجَبَتْ» وَلَوْ سَمِعْتُ شِعْرَهَا لَمَا قَتَلْتُهُ، وَقَالَ لَهُ السَّعْدَانِ وَالْحُبَابُ: إِنْ كَانَ هَذَا بِوَحْيٍ فَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ فَلَيْسَ هَذَا هُوَ الرَّأْيَ، فَقَالَ: بَلْ بِاجْتِهَادٍ وَرَأْيٍ رَأَيْتُهُ وَرَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمْ.
وَقَدْ حَكَمَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِاجْتِهَادِهِ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَهُ سُلَيْمَانُ، وَإِلَّا لَمَا خُصَّ بِالتَّفْهِيمِ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُتَعَبَّدًا بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، خِلَافًا لِقَوْمٍ» .
اعْلَمْ أَنَّ مَا فِيهِ نَصٌّ إِلَهِيٌّ؛ لَا يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْتَهِدَ فِيهِ بِخِلَافِ النَّصِّ شَرْعًا، لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الْأَنْعَامُ: ١٠٦] . أَمَّا مَا