. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَأْنُهُ بِدُونِ مُؤَثِّرٍ مُحَالٌ، ثُمَّ بَنَوْا عَلَى هَذَا اسْتِصْحَابَ الْحَالِ، وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْمَعْهُودِ السَّابِقِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إِثْبَاتٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، لِأَنَّ الْبَاقِيَ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى مُؤَثِّرٍ، كَانَ الِاسْتِصْحَابُ حُجَّةً ; وَإِنِ احْتَاجَ، لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لِجَوَازِ التَّغَيُّرِ لِعَدَمِ الْمُؤَثِّرِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ حُجَّةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُقَلَاءَ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا تَحَقَّقُوا وُجُودَ الشَّيْءِ أَوْ عَدَمَهُ، وَلَهُ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِهِ، سَوَّغُوا تَرْتِيبَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ زَمَانِ ذَلِكَ الْأَمْرِ، حَتَّى إِنَّ الْغَائِبَ يُرَاسِلُ أَهْلَهُ، وَيُرَاسِلُونَهُ، بِنَاءً عَلَى الْعِلْمِ بِوُجُودِهِمْ، وَوُجُودِهِ فِي الْمَاضِي، وَيُنْفِذُ إِلَيْهِمُ الْأَمْوَالَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَوْلَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، لَمَا سَاغَ لَهُمْ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ مِنْ لَوَازِمِ بِعْثَةِ الرُّسُلِ، وَبِعْثَةُ الرُّسُلِ حَقٌّ، فَلَازِمُهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا.
أَمَّا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ مِنْ لَوَازِمَ الْبِعْثَةِ، فَلِأَنَّ الرِّسَالَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْمُعْجِزِ، وَهُوَ الْأَمْرُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ، وَالْعَادَةُ هِيَ اطِّرَادُ وُقُوعِ الشَّيْءِ دَائِمًا، أَوْ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، فَالْأَوَّلُ كَدَوَرَانِ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ فِي أَفْلَاكِهَا، كَمَا قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إِبْرَاهِيمَ: ٣٣] ، وَالثَّانِي كَطُلُوعِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ، وَغُرُوبِهَا فِي الْمَغْرِبِ، وَكَوُقُوعِ الْمَطَرِ فِي الشِّتَاءِ، وَزِيَادَةِ نَيْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَالَ قَائِلٌ: دَلِيلُ نُبُوَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute