للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَطْلُعُ الْيَوْمَ مِنَ الْمَشْرِقِ، أَوْ أَنَّهَا لَا تَغْرُبُ فِي الْمَغْرِبِ، بَلْ تَجُولُ فِي أَطْرَافِ الْفَلَكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ; لَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِدْقِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِانْخِرَاقِ الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ عَلَى يَدَيْهِ.

وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الِاسْتِصْحَابُ حُجَّةً، لَمَا كَانَ انْخِرَاقُ الْعَوَائِدِ عَلَى أَيْدِي الْأَنْبِيَاءِ حُجَّةً، لِجَوَازِ أَنْ تَتَغَيَّرَ أَحْكَامُ الْعَوَائِدِ وَأَحْوَالُهَا، فَلَا يَكُونُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ أَمْسِ خَارِقًا لَهَا الْيَوْمَ، فَلَا يَكُونُ الْأَصْلُ بَقَاءَ مَا كَانَ مِنْ كَوْنِهِ خَارِقًا عَلَى مَا كَانَ، لَكِنْ لَمَّا رَأَيْنَا انْخِرَاقِ الْعَوَائِدِ حُجَّةً لِلْأَنْبِيَاءِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ حُجَّةٌ، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ عَهِدْنَا فِي اطِّرَادِ الْعَادَةِ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ، فَهِيَ فِي هَذَا الْيَوْمِ تَطْلُعُ مِنَ الْمَشْرِقِ وَنَجْزِمُ بِهَذَا جَزْمًا عَادِيًّا، فَإِذَا امْتَنَعَ طُلُوعُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، عَقِيبَ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ، حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ مُعْجِزًا، خَارِقًا لِلْعَادَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَصْلُ بَقَاءَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ لَمَا كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزًا، لِجَوَازِ تَغَيُّرِ الْعَادَةِ كَمَا سَبَقَ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: " أَمَّا الْأَوَّلُ " ; يَعْنِي التَّمَسُّكَ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ لَمْ يَظْهَرْ عَنْهُ نَاقِلٌ، لِأَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ هُوَ " التَّمَسُّكُ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ لَمْ يَظْهَرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>