للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى الْبَاعِثِ مَمْنُوعٌ، بَلْ هِيَ مُعَرِّفٌ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُعَرِّفُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَاعِثًا أَوْ غَيْرَهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: بِأَنَّ الْعِلَّةَ بَاعِثٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الشَّارِعِ، مُعَرِّفٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُكَلَّفِينَ، كَمَا قِيلَ: إِنِ الْعِلَّةَ الْبَدَنِيَّةَ عَرَضٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمَرِيضِ، دَلِيلٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الطَّبِيبِ، فَحِينَئِذٍ يَسْتَقِيمُ مَا قَالَ ; وَامْتِنَاعُ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ مَمْنُوعٌ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ لَا جَوَابَ عَنْهُ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قِيَاسُ الْوُضُوءِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عَلَى التَّيَمُّمِ مَعَ تَأَخُّرِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ عَنِ الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: «أَمَّا الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ، فَهِيَ عَلَامَةٌ وَمُعَرِّفٌ» .

هَذَا الْكَلَامُ فِي الْعِلَّةِ، وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، وَهِيَ عَلَامَةٌ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ وَمُعَرِّفٌ لَهُ.

قَالَ الْبَزْدَوِيُّ فِي «الْمُقْتَرَحِ» : وَلِلْعِلَّةِ أَسَامٍ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَهِيَ السَّبَبُ، وَالْأَمَارَةُ، وَالدَّاعِي، وَالْمُسْتَدْعِي، وَالْبَاعِثُ، وَالْحَامِلُ، وَالْمَنَاطُ، وَالدَّلِيلُ، وَالْمُقْتَضِي، وَالْمُوجِبُ، وَالْمُؤَثِّرُ.

قُلْتُ: أَمَّا تَسْمِيَتُهَا سَبَبًا، فَلِأَنَّهَا طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ، وَهُوَ يَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِهَا؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا الْمُثْبِتُ لَهَا الشَّارِعُ.

وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا أَمَارَةً فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَمَارَةَ - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - الْعَلَامَةُ، وَالْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَامَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهَارِ فَإِنَّهَا ... أَمَارَةُ تَسْلِيمِي عَلَيْكِ فَسَلِّمِي

<<  <  ج: ص:  >  >>