للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَقْصُودُهُ فِي بَابِهِ.

قَوْلُهُ: «وَشَرَطَ قَوْمٌ تَقَدُّمَ ثُبُوتِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ» ، إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا شَرْطٌ آخَرُ لِلْفَرْعِ اشْتَرَطَهُ قَوْمٌ، وَفِيهِ تَحْقِيقٌ يَأْتِي قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ أَنَّ شَرْطَ الْفَرْعِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتًا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ يَحْدُثُ بِحُدُوثِ عِلَّةِ الْأَصْلِ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَيْهِ، فَلَوْ تَأَخَّرَ حُكْمُ الْأَصْلِ عَنِ الْفَرْعِ، لَتَأَخَّرَتِ الْعِلَّةُ عَنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مُلَازِمَةٌ لِلْأَصْلِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ ثُبُوتُ الْعِلَّةِ عَنِ الْفَرْعِ، لَصَارَ الْمُتَقَدِّمُ فِي الثُّبُوتِ مُتَأَخِّرًا وَهُوَ مُحَالٌ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، فَلَوْ تَأَخَّرَ الْبَاعِثُ عَنْ حُكْمِ الْفَرْعِ، لَكَانَ ثُبُوتُهُ قَبْلَهُ إِمَّا بِغَيْرِ بَاعِثٍ، أَوْ بِبَاعِثٍ آخَرَ، وَيَلْزَمُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ صَحَّ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ، لَكِنْ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ بَعْضُ الْعِلَلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ.

قَوْلُهُ: «وَالْحَقُّ اشْتِرَاطُهُ لِقِيَاسِ الْعِلَّةِ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ ثُبُوتِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ فِي قِيَاسِ الْعِلَّةِ «دُونَ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ» ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَنْ الْعِلَّةَ لَا يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنِ الْمَعْلُولِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ وُجُودُهُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ بِعِلَّةٍ غَيْرِ الْعِلَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَالدَّلِيلُ يَجُوزُ تَأَخُّرُهُ عَنِ الْمَدْلُولِ، كَالْعَالَمِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّانِعِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، وَكُلُّ أَثَرٍ كَالدُّخَانِ وَنَحْوِهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ مُؤَثِّرِهِ كَالنَّارِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>