للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَرْطُ الْفَرْعِ وُجُودُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ ظَنًّا إِذْ هُوَ كَالْقَاطِعِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ ; وَشَرَطَ قَوْمٌ تَقَدُّمَ ثُبُوتِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ؛ إِذِ الْحُكْمُ يَحْدُثُ بِحُدُوثِ الْعِلَّةِ، فَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ لَصَارَ الْمُتَقَدِّمُ مُتَأَخِّرًا.

وَالْحَقُّ اشْتِرَاطُهُ لِقِيَاسِ الْعِلَّةِ دُونَ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ لِجَوَازِ تَأَخُّرِ الدَّلِيلِ عَنِ الْمَدْلُولِ كَالْأَثَرِ عَنِ الْمُؤَثِّرِ ; بِخِلَافِ الْعِلَّةِ عَنِ الْمَعْلُولِ ; أَمَّا الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ فَهِيَ عَلَامَةٌ وَمُعَرِّفٌ، وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مُتَعَدِّيَةً فَلَا عِبْرَةَ بِالْقَاصِرَةِ وَهِيَ مَا لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ كَالثَّمَنِيَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَشَرْطُ الْفَرْعِ وُجُودُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ ظَنًّا» إِلَى آخِرِهِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ إِلَى هَاهُنَا هُوَ فِي الْأَصْلِ وَحُكْمِهِ، وَالْكَلَامُ هَاهُنَا هُوَ فِي الْفَرْعِ نَفْسِهِ عَلَى تَرْتِيبِ أَصْلِ «الْمُخْتَصَرِ» ، وَشَرْطُهُ «وُجُودُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ» ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْعًا لَهُ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيَ الْحُكْمِ إِلَيْهِ فَرْعُ تَعَدِّيَ الْعِلَّةِ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ أَصْلٌ فِي الْفَرْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ مَقْطُوعًا بِهِ، بَلْ تَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَطْعِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الظَّنِّ وَالْقَطْعِ، فَإِنِ اتَّفَقَ لَنَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ، فَمَا زَادَ عَنِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْنَا، إِذْ حَصَلَ لَنَا الْيَقِينُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، فَصَارَ الظَّنُّ فِي الشَّرْعِيَّاتِ كَالْقَطْعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْصُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>