للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: " وَفِي اللُّغَوِيِّ خِلَافٌ سَبَقَ " أَيْ: فَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْفَرْعِ لُغَوِيًّا كَقِيَاسِ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ فِي تَسْمِيَتِهِ خَمْرًا، وَاللَّائِطِ عَلَى الزَّانِي فِي كَوْنِهِ زَانِيًا، وَالنَّبَّاشِ عَلَى السَّارِقِ فِي كَوْنِهِ سَارِقًا، فَهَذَا قِيَاسٌ لُغَوِيٌّ، وَفِيهِ " خِلَافٌ سَبَقَ " فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي أَنَّ اللُّغَةَ تَثْبُتُ قِيَاسًا، وَقَدْ ذُكِرَ لِحُكْمِ الْفَرْعِ شُرُوطٌ أُخَرُ:

مِنْهَا: أَنْ لَا يُمْكِنَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ، إِذْ يَكُونُ إِثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ فَسَادِ الْوَضْعِ، كَمَا يُقَالُ فِي عَدَمِ إِجْزَاءِ عِتْقِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: تَحْرِيرٌ فِي تَكْفِيرٍ، فَلَا تُجْزِئُ فِيهِ الْكَافِرَةُ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. فَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هَذَا عَلَى خِلَافِ النَّصِّ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِإِجْزَاءِ مُطْلَقِ الرَّقَبَةِ، وَفِي النَّصِّ كِفَايَةٌ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ النِّزَاعَ فِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ مَعَ اخْتِلَافِ السَّبَبِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَرِدَ النَّصُّ بِحُكْمِ الْفَرْعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. ذَكَرَهُ أَبُو هَاشِمٍ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِمِيرَاثِ الْجَدِّ جُمْلَةً، لَمَا نَظَرَ الصَّحَابَةُ فِي تَوْرِيثِهِ مَعَ الْإِخْوَةِ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلُ، قَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ لَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِمَشْرُوعِيَّةِ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ، وَقَعَ النَّظَرُ فِي أَنَّ الْفَاسِقَ أَوِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَأَفْسَدَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا الشَّرْطَ بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَاسُوا قَوْلَهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. عَلَى الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ، وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ حُكْمٌ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، وَإِنَّمَا حُكْمُ الْأَصْلِ يَتَعَدَّى الْعِلَّةَ كَيْفَ مَا كَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>