النَّوْعُ الثَّالِثُ الدَّوَرَانُ: وَهُوَ وُجُودُ الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْوَصْفِ، وَعَدَمَهُ بِعَدَمِهِ وَخَالَفَ قَوْمٌ.
لَنَا: يُوجِبُ ظَنَّ الْعِلِّيَّةِ فَيُتَّبَعُ
قَالُوا: الْوُجُودُ لِلْوُجُودِ طَرْدٌ مَحْضٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَالْعَكْسُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا، ثُمَّ الْمَدَارُ قَدْ يَكُونُ لَازِمًا لِلْعِلَّةِ، أَوْ جُزْءًا فَتَعْيِينُهُ لِلْعَلِيَّةِ تَحْكُّمٌ.
قُلْنَا: عَدَمُ تَأْثِيرِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ لَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ، ثُمَّ الْعَكْسُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلَكِنْ مَا أَفَادَهُ مِنَ الظَّنِّ مُتَّبَعٌ، وَاحْتِمَالُ مَا ذَكَرْتُمْ لَا يَنْفِي إِفَادَةَ الظَّنِّ، وَهُوَ مَنَاطُ التَّمَسُّكِ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ التَّمَسُّكَ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ الْمُفِيدَةِ لِلطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، نَحْوَ: مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ، صَحَّ ظِهَارُهُ، وَمَنَعَ ذَلِكَ آخَرُونَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ــ
«النَّوْعُ الثَّالِثُ» : يَعْنِي مِنْ أَنْوَاعِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِالِاسْتِنْبَاطِ; إِثْبَاتُهَا بِالدَّوَرَانِ.
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ دَارَ يَدُورُ دَوْرًا وَدَوَرَانًا، إِذَا تَحَرَّكَ حَرَكَةً دَوْرِيَّةً، وَهِيَ الَّتِي تَنْتَهِي إِلَى مَبْدَئِهَا، كَحَرَكَةِ الْفَلَكِ وَالدُّولَابِ وَالرَّحَا وَنَحْوِهَا.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي الدَّوَرَانَ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ: «وُجُودُ الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْوَصْفِ» الْمُدَّعَى عِلَّةً «وَعَدَمُهُ بِعَدَمِهِ» .
قَالَ الْقَرَافِيُّ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اقْتِرَانِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَصْفِ وَعَدَمِهِ مَعَ عَدَمِهِ، قَالَ: وَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ عَنِ الدَّوَرَانِ بِالطَّرْدِ وَالْعَكْسِ، مِنْهُمُ الْآمِدِيُّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute