. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ النَّهْيَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِمَقْصُودٍ، سَوَاءٌ ظَهَرَتِ الْحِكْمَةُ فِيهِ، أَوْ خَفِيَتْ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَى امْتِنَاعِ خُلُوِّ أَحْكَامِ الشَّرْعِ عَنْ حِكْمَةٍ. ثُمَّ مَقْصُودُ النَّهْيِ إِمَّا رَاجِحٌ عَلَى مَقْصُودِ الصِّحَّةِ، أَوْ مُسَاوٍ لَهُ، أَوْ مَرْجُوحٌ، لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مَرْجُوحًا ; لِأَنَّ النَّهْيَ طَلَبٌ، وَالطَّلَبُ يَعْتَمِدُ الرُّجْحَانَ ; فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مَرْجُوحًا، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِذَلِكَ بِعَيْنِهِ ; لِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ ; فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ مَقْصُودَ النَّهْيِ رَاجِحٌ ; فَيَكُونُ مَقْصُودُ الصِّحَّةِ مَرْجُوحًا، وَالْمَرْجُوحُ مَعَ الرَّاجِحِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ; فَمَقْصُودُ الصِّحَّةِ مَعَ مَقْصُودِ النَّهْيِ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ ; فَيَكُونُ مَقْصُودُ النَّهْيِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِاقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ. هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ ذَكَرْتُ بَعْضَهُ بِلَفْظِهِ، وَبَعْضَهُ بِمَعْنَاهُ، تَحْصِيلًا لِلْإِيضَاحِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
فَائِدَةٌ: ذُكِرَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» فِي مُقْتَضَى النَّهْيِ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: الْفَسَادُ مُطْلَقًا إِلَّا لِدَلِيلٍ.
الثَّانِي: الْفَرْقُ بَيْنَ مَا إِذَا نُهِيَ عَنْهُ لِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
الثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
الْخَامِسُ: لَا يَقْتَضِي صِحَّةً وَلَا فَسَادًا.
السَّادِسُ: التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
السَّابِعُ: التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ.
وَقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ.
فَوَائِدُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ:
- إِحْدَاهُنَّ: قَدْ سَبَقَ فِي مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: الْوُجُوبُ.
وَثَانِيهَا: النَّدْبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute