. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَكُونَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، مَعَ أَنَّ شَهَادَةَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنَ النِّسَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ الْعِلْمُ التَّوَاتُرِيُّ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِثُبُوتِ التَّعَبُّدِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ «بِخِلَافِ الْأَدِلَّةِ» ، إِذْ لَا تَعَبُّدَ فِيهَا، وَالتَّرْجِيحُ أَمْرٌ مُفِيدٌ مَعْقُولٌ، فَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ لُحُوقِهَا، وَالْمُقْتَضِي مَوْجُودٌ وَهُوَ وُجُوبُ الْوُصُولِ إِلَى الْحَقِّ بِمَا يُمْكِنُ مِنَ الظَّنِّ أَوِ الْعِلْمِ. فَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الْبَاقِلَّانِيُّ بِوَجْهَيْنِ ; الْتِزَامُ الْحُكْمِ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْبَيِّنَاتِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ قَالَ بِهِ الْبَاقِلَّانِيُّ، ثُمَّ تَرَكَهُ، إِذْ لَا يُظَنُّ بِمِثْلِهِ الْإِصْرَارُ عَلَى مَثَلِ هَذَا الْقَوْلِ مَعَ ظُهُورِ ضَعْفِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلِمَ الْحَاكِمُ يَقِينًا خِلَافَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِمَا عَلِمَهُ، وَيَصِيرَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ مُنْكَرٍ اخْتَصَّ بِعِلْمِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهِ، بَلْ هَذَا هُوَ عَيْنُ ذَاكَ وَصُورَةٌ مِنْ صُوَرِهِ.
قَوْلُهُ: «وَمَوْرِدُ التَّرْجِيحِ» - أَيِ: الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ - «إِنَّمَا هُوَ الْأَدِلَّةُ الظَّنِّيَّةُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمَسْمُوعَةِ» كَنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَظَوَاهِرِهَا «وَالْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ» كَأَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ وَالتَّنْبِيهَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنَ النُّصُوصِ، أَمَّا الْقَوَاطِعُ، فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّعَارُضُ فِيهَا، إِذْ أَحَدُ الْقَاطِعَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يَكُونُ كَذِبًا قَطْعًا.
قَوْلُهُ: «فَلَا مَدْخَلَ لَهُ» ، أَيْ: حَيْثُ اخْتَصَّ التَّرْجِيحُ بِالْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ، «فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَذَاهِبِ مِنْ غَيْرِ تَمَسُّكٍ بِدَلِيلٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْجَبَّارِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute