. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَرْجُوحُ مَعَ الرَّاجِحِ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُ التَّرْجِيحِ فِي أَدِلَّةِ الشَّرْعِ الْعَامَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِقَوَاعِدِهِ الْكُلِّيَّةِ، فَاسْتِعْمَالُهُ فِي أَدِلَّتِهِ الْخَاصَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِفُرُوعِهِ الْجُزْئِيَّةِ أَوْلَى. لَا يُقَالُ: لَوِ اسْتَعْمَلْنَا الرُّجْحَانَ فِي الْبَيِّنَاتِ لَأَفْضَى إِلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ أَوْ إِبْطَالِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّمَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يُؤْتَى بِأَرْجَحَ مِنْهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَقْصُودِ الشَّرْعِ مِنْ نَصْبِ الْحُكَّامِ، وَهُوَ تَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ، وَفَصْلُ الْخِصَامِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْنُ إِذَا اسْتَعْمَلْنَا التَّرْجِيحَ فِي الْبَيِّنَاتِ فَإِنَّمَا نَسْتَعْمِلُهُ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ حُكْمٌ، فَإِذَا حُكِمَ بِهَا مَضَتْ شَهَادَتُهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ صِيَانَةً لِحُكْمِ الشَّرْعِ عَنِ النَّقْضِ ضَبْطًا لِلْأَحْكَامِ عَنِ الِاضْطِرَابِ، لَا احْتِرَامًا لِلْبَيِّنَةِ الْمَرْجُوحَةِ. وَهَذَا كَمَا قُلْنَا: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ، يُعْمَلُ بِاجْتِهَادِ الثَّانِي فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَلَا يُنْقَضُ مَا حُكِمَ بِهِ أَوَلًا، مَعَ أَنَّهُ كَانَ عَنِ اجْتِهَادٍ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مَرْجُوحًا، فَنِسْبَةُ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ فِي الرُّجْحَانِ كَنِسْبَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْأُولَى فِيهِ، وَاتِّصَالُ الْحُكْمِ بِالْمَرْجُوحِ عَاصِمٌ لَهُ مِنَ النَّقْضِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي تَرْجِيحِ أَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَالشَّاهِدَيْنِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا» ، أَيْ: بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْبَيِّنَاتِ، هُوَ «أَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ مَشُوبٌ بِالتَّعَبُّدِ» بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّاهِدَ «لَوْ أَبْدَلَ لَفَظَ الشَّهَادَةِ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ» أَوِ الْعِلْمِ فَقَالَ: أَخْبَرَ أَوْ أَعْلَمَ مَكَانَ: أَشْهَدَ ; «لَمْ تُقْبَلْ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَمْعٍ مِنَ النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ» وَبَلَغْنَ أُلُوفًا مُؤَلَّفَةً «عَلَى» يَسِيرٍ مِنَ الْمَالِ وَلَوْ «بَاقَةُ بَقْلٍ» حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute