للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَلَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، فَحُرِّمَ كَالْخَمْرِ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِسْكَارَ عِلَّةٌ، وَلَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي النَّبِيذِ. لَكَانَ لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَقُولَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْإِسْكَارَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ أَنَّهُ مُنَاسِبٌ لَهُ، لِإِفْضَائِهِ إِلَى مَصْلَحَةِ صِيَانَةِ الْعُقُولِ عَنِ الْفَسَادِ، وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ إِمَّا لِلَوْنِهِ، أَوْ مَيَعَانِهِ، أَوْ إِزْبَادِهِ، أَوْ كَوْنِهِ مِنَ الْعِنَبِ، أَوْ لِإِسْكَارِهِ، وَالْأَوْصَافُ كُلُّهَا طَرْدِيَّةٌ إِلَّا الْإِسْكَارَ، فَكَانَ هُوَ الْعِلَّةَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي النَّبِيذِ، بِدَلِيلِ الْوِجْدَانِ وَالْعَقْلِ، فَإِنَّ الشَّارِبَ لَهُ يَجِدُ النَّشَاطَ، وَغُرُوبَ الْعَقْلِ، وَدَبِيبَ الْأَعْضَاءِ، وَكَذَلِكَ يَرَى زَوَالَ الْعَقْلِ يَدُورُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَذَلِكَ دَلِيلُ كَوْنِهِ مُسْكِرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>