للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وُجُودَ اللَّازِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْمَلْزُومِ، بِخِلَافِ الْأَثَرِ، فَإِنَّهُ مَلْزُومٌ لِلْمُؤَثِّرِ، فَيَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةَ الْمَلْزُومِ عَلَى لَازِمِهِ، وَالْأَمْرُ الْمُلَازِمُ لِلشَّيْءِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمُلَازَمَةِ وُجُودِ النَّهَارِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِوُجُودِ النَّهَارِ.

وَهَكَذَا عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ أَثَرٍ، أَوْ أَمْرٍ يُلَازِمُهُ، وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ عِبَارَةِ «الْمُخْتَصَرِ» لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَلِكَ كَدَلَالَةِ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ عَلَى كَوْنِهِ عَمْدًا، لِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ لَوَازِمِ التَّحْرِيمِ، وَدَلَالَةِ الدِّيَةِ عَلَى الْقَتْلِ، لِأَنَّهَا مِنْ آثَارِهِ، وَدَلَالَةِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشُّبْهَةِ لَازِمٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَكَلُحُوقِ النَّسَبِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ، لِأَنَّ لُحُوقَ النَّسَبِ مِنْ آثَارِ الْوَطْءِ الَّذِي لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَكَدَلَالَةِ فَسَادِ الْعَقْلِ عَلَى إِسْكَارِ الشَّرَابِ، وَجَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِصْحَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَمَنْعُ عِلِّيَتِهِ، وَمَنْعُ وَجُودِهَا فِي الْفَرْعِ» . هَذَانِ الْمَنْعَانِ الْآخَرَانِ، أَيْ: وَمِنَ الْمُنُوعِ مَنْعُ عِلَّةِ الْوَصْفِ، أَيْ: مَنْعُ كَوْنِهِ عِلَّةً فِي الْأَصْلِ، وَمَنْعُ وُجُودِهِ فِي الْفَرْعِ كَمَا سَبَقَ مِثَالُهُ، فَيُثْبِتُهُمَا الْمُسْتَدِلُّ بِطَرِيقِهِمَا «كَمَا سَبَقَ» إِشَارَةً إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَدِلَّةِ إِثْبَاتِ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً، وَهِيَ النَّصُّ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالِاسْتِنْبَاطُ بِالْمُنَاسَبَةِ، وَالسَّبْرُ، وَالدَّوَرَانُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَإِلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ دَلِيلِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ مِنْ إِلْغَاءِ الْفَارِقِ، وَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَنَحْوِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>