للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِثَالُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [الْمَائِدَةِ: ٥] عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يَتَنَاوَلُ لَحْمَ الْخَيْلِ، فَيَكُونُ حَلَالًا، وَقِيَاسُهَا عَلَى الْبِغَالِ بِجَامِعِ الصُّورَةِ وَالْوِلَادَةِ وَالِاقْتِرَانِ بِهَا فِي قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النَّحْلِ: ٨] ; يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا، فَأَيُّهَا يُقَدَّمُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.

وَمِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسُ النَّافِي لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُوجِبِ لَهُ، اخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا يُقَدَّمُ؟

مِثَالُهُ: إِذَا وَهَبَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ لِسَارِقِهَا بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى الْإِمَامِ، فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَطْعِ، كَمَا لَوْ وَهَبَهَا لَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ إِلَى الْإِمَامِ، وَخَبَرُ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَطْعِ، لِأَنَّهُ وَهَبَ رِدَاءَهُ مِنْ سَارِقِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ " ثُمَّ قَطَعَهُ.

قُلْتُ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقِيَاسِ لَا يَكْفِي، بَلْ مَعَ انْضِمَامِ دَلِيلَيْنِ آخَرَيْنِ إِلَيْهِ، وَهُمَا اسْتِصْحَابُ حَالِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، وَكَوْنُ الْحَدِّ مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ فِيهِ أَقْوَالٌ، ثَالِثُهَا الْوَقْفُ، وَأَصَحُّهَا وُجُوبُ الْحَدِّ فَرْقًا بَيْنَ مَا قَبْلَ الرَّفْعِ إِلَى الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ بِأَنَّهُ بَعْدَ الرَّفْعِ قَدْ تَمَكَّنَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ كَالْمُحَارِبِينَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ.

وَمِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ الَّذِي رَاوِيهِ لَيْسَ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ الْمَشْهُورِينَ، كَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُصَرَّاةِ ;

<<  <  ج: ص:  >  >>