للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِثَالُهُ: أَنْ يَتَمَسَّكَ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّزَوُّجِ عَلَى النَّوَافِلِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَمْ يَرِدْ مِثْلُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّوَافِلِ، وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ: الْعَقْدُ، فَقَالَ الْخَصْمُ: بَلِ الْمُرَادُ بِهِ: الْوَطْءُ، فَقَالَ الْمُسْتَدِلُّ: لَا شَكَّ أَنَّ النِّكَاحَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا لَكِنَّهُ فِي الْعَقْدِ أَشْهَرُ، فَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ أَوْلَى.

قُلْتُ: النِّكَاحُ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ هُوَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فِي أَيِّهَا كَانَ حَقِيقَةً أَوْ أَشْهَرَ، صَحَّ التَّرْجِيحُ بِهِ.

وَمِنْهَا: تَرْجِيحُ مَا أَفَادَ حُكْمًا شَرْعِيًّا عَلَى مَا أَفَادَ حُكْمًا حِسِّيًّا.

مِثَالُهُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ يُحْتَمَلُ أَنِ الْمُرَادَ يَجِبُ فِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ، فَيُرَجَّحُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْحِسِّ أَنَّ الرِّقَّةَ تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ حَتَّى يَكُونَ لَهَا رُبْعُ الْعُشْرِ.

قُلْتُ: وَهَذَا يَنْزِعُ إِلَى تَعَارُضِ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ، لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ أَسَّسَ لَنَا حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ، وَحَمْلُهُ عَلَى اشْتِمَالِ الرِّقَّةِ عَلَيْهِ يَكُونُ تَأَكِيدًا لِمَا عَلِمْنَاهُ بِالْحِسِّ.

وَمِنْهَا: إِذَا احْتَمَلَ النَّصُّ مَحْمَلَيْنِ ; أَحَدُهُمَا يُعَرِّفُ حُكْمًا مُخْتَلَفًا فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>