للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَكَانَ إِضْمَارُ الصِّحَّةِ مِنْ ضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: مِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى الْإِضْمَارِ لِأَجْلِهِ ; «وُجُودُ الْحُكْمِ شَرْعًا نَحْوَ» قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٤] تَقْدِيرُهُ: أَوْ عَلَى سَفَرٍ ; فَأَفْطَرَ ; فَعَلَيْهِ صَوْمُ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ; لِأَنَّ قَضَاءَ الصَّوْمِ عَلَى الْمُسَافِرِ، إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ، أَمَّا إِذَا صَامَ فِي سَفَرِهِ ; فَلَا مُوجِبَ لِلْقَضَاءِ. وَدَلِيلُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لُغَةً وَشَرْعًا، خِلَافًا لِمَا يُحْكَى عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ صَوْمُ عِدَّةِ أَيَّامٍ أُخَرَ ; سَوَاءٌ صَامَ فِي سَفَرِهِ أَوْ أَفَطَرَ، وَهُوَ مِنْ جُمُودِهِمُ الْمَعْرُوفِ. كَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} [الْبَقَرَةِ: ٦٠] ، أَيْ: فَضَرَبَهُ ; فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ; لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبُ الِانْفِجَارِ ; فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} [الْفَرْقَانِ: ٣٦] ، أَيْ: فَقُلْنَا: اذْهَبَا ; فَذَهَبَا إِلَى الْقَوْمِ ; فَكَذَّبُوهُمَا ; فَاسْتَحَقُّوا التَّدْمِيرَ ; فَدَمَّرْنَاهُمْ. لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ هَذَا كُلِّهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ لِغَيْرِهِ: «أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي» وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، «فِي اقْتِضَائِهِ مِلْكَ الْقَائِلِ لَهُ» أَيْ: لِلْعَبْدِ ; لِأَنَّا قُلْنَا: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَعْتَقَهُ الْمَقُولُ لَهُ، يَعْتِقُ عَنِ الْقَائِلِ، وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَنِ الْإِنْسَانِ إِلَّا مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ ; فَوَجَبَ ضَرُورَةُ تَصْحِيحِ هَذَا الْعِتْقِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقَدَّرَ دُخُولُ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ الْقَائِلِ، قَبْلَ عِتْقِهِ بِزَمَنٍ مَا، لِيَكُونَ الْعِتْقُ مُتَفَرِّعًا عَلَى مِلْكِهِ، وَمَبْنِيًّا عَلَيْهِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى الْإِضْمَارِ لِأَجْلِهِ: وُجُودُ الْحُكْمِ «عَقْلًا، نَحْوَ» قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٣] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>