. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، إِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَجْهُ الِاجْتِهَادِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ مُطْلَقًا.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ فِيمَا يُفْتِي بِهِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ خَصَّصَ ذَلِكَ بِمَا يَفُوتُ وَقْتُهُ لَوِ اشْتَغَلَ بِالِاجْتِهَادِ.
وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى مَنْعِ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ مُطْلَقًا، قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
قُلْتُ: مَا حَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ، مِنْ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ مُطْلَقًا غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ عَنْهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ لَا تَقْلِيدًا لَهُ بَلْ بِنَوْعِ اسْتِدْلَالٍ، كَمَا سَبَقَ فِي مَوْضِعِهِ. هَذَا مَا أَرَدْنَا حِكَايَتَهُ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
عُدْنَا إِلَى الْكَلَامِ عَلَى أَدِلَّتِهَا:
قَوْلُهُ: «لَنَا: مُجْتَهِدٌ فَلَا يُقَلِّدُ» . أَيْ: لَنَا عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوِ اجْتَهَدَ، وَظَنَّ الْحُكْمَ، لَأَنَّ الْكَلَامَ فِي مُجْتَهِدٍ لَمْ يَجْتَهِدْ بِالْفِعْلِ، فَنَقُولُ: هَذَا مُجْتَهِدٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، «كَمَا لَوِ اجْتَهَدَ وَظَنَّ الْحُكْمَ» ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ اتِّفَاقًا، كَذَلِكَ هَهُنَا، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ ذَلِكَ قَدِ اجْتَهَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute