. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اجْتِهَادُهُ، وَهَلُمَّ جَرًّا ; كُلَّمَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، حَكَمَ بِحُكْمٍ، وَنَقَضَ الَّذِي قَبْلَهُ، فَيَتَسَلْسَلُ النَّقْضُ، وَتَضْطَرِبُ أَحْكَامُ النَّاسِ لِنَقْضِهَا بَعْدَ تَرْتِيبِهَا عَلَى تِلْكَ الِاجْتِهَادَاتِ، وَقَدْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُنْقَضَ الْحُكْمُ بِمَا يُنَافِيهِ مِنَ الِاجْتِهَادِ بَعْدَهُ، كَمَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ الْمُجَرَّدُ عَنْ حُكْمٍ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ، لَكِنْ هَهُنَا تُرِكَ الْقِيَاسُ لِلِاسْتِحْسَانِ تَحْصِيلًا لِضَبْطِ الْأُمُورِ، وَصِيَانَتِهَا عَنِ الِانْتِشَارِ.
قَوْلُهُ: «وَلَوْ نَكَحَ مُقَلِّدٌ بِفَتْوَى مُجْتَهِدٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ» - يَعْنِي اجْتِهَادَ الْمُجْتَهِدِ - «فَالظَّاهِرُ» أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، أَيْ: لَا يَلْزَمُ الْمُقَلِّدُ فِرَاقُ زَوْجَتِهِ لِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ عَمَّا أَفْتَاهُ بِهِ أَوَلًا، «إِذْ عَمَلُهُ بِالْفُتْيَا جَرَى مَجْرَى حُكْمِ الْحَاكِمِ» .
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُنْقَضُ، فَكَذَا مَا جَرَى مَجْرَاهُ.
وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ: أَنَّ اجْتِهَادَ الْمُجْتَهِدِ إِمَّا أَنْ يَتَجَرَّدَ عَنِ الْحُكْمِ وَالْفَتْوَى، أَوْ لَا يَتَجَرَّدْ.
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْهُمَا، وَجَبَ نَقْضُهُ بِالِاجْتِهَادِ الْمُخَالِفِ لَهُ بَعْدَهُ.
وَإِنِ اقْتَرَنَ بِهِ حَكَمٌ لَمْ يُنْقَضْ، وَاسْتُؤْنِفَ الْعَمَلُ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي.
وَإِنِ اقْتَرَنَ بِهِ الْفُتْيَا، وَالْعَمَلُ بِهَا، احْتَمَلَ أَنْ لَا يُنْقَضَ مَا عَمِلَ بِهَا مُطْلَقًا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، تَنْزِيلًا لِلْعَمَلِ بِهَا مَنْزِلَةَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُنْقَضَ مَا سِوَى النِّكَاحِ، كَمَا فَرَضَ فِي الْمُخْتَصَرِ، فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِمَا عُرِفَ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَتَشَوَّفَ الشَّرْعُ إِلَى تَكْثِيرِهِ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute