للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَبْقَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَمْ لَا؟ وَأَحَدُهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ. وَأَمَّا عَدَمُ نَقْضِ مَا عُمِلَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُوجَبُ بَقَاؤُهُ مَذْهَبًا لِجَوَازِ امْتِنَاعِ النَّقْضِ لِعَارِضٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ يَبْطُلُ» - يَعْنِي مَا ذَكَرُوهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ - «بِمَا لَوْ صَرَّحَ» الْإِمَامُ «بِرُجُوعِهِ عَنْهُ» ، أَيْ: بِرُجُوعِهِ عَنِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إِذَا صَرَّحَ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَبْقَى مَذْهَبًا لَهُ فَقَدْ نَقَضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الَّذِي نَفَاهُ الْخَصْمُ، أَوْ يَبْقَى مَذْهَبًا لَهُ، فَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِاعْتِقَادِ بُطْلَانِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

قَوْلُهُ: «وَلَوْ خَالَعَ مُجْتَهِدٌ زَوْجَتَهُ» ، إِلَى آخِرِهِ هَذَا مِنْ فُرُوعِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ وَصُوَرِهِ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّ مُجْتَهِدًا لَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ «يَعْتَقِدُ الْخُلْعَ فَسْخًا» لَا طَلَاقًا، «ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَاعْتَقَدَهُ طَلَاقًا، لَزِمَهُ فِرَاقُهَا» ، لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمُوجِبِ هَذَا الِاجْتِهَادِ الثَّانِي مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ إِمْسَاكُ مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ.

قَوْلُهُ: «وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ حَاكِمٌ» مِثْلَ أَنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ، أَوْ مُجْتَهِدٌ غَيْرُهُ، «ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ» ، فَرَأَى ذَلِكَ النِّكَاحَ بَاطِلًا، «لَمْ يُنْقَضْ» ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ الْأَوَّلُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَذَلِكَ «لِلُزُومِ التَّسَلْسُلِ بِنَقْضِ النَّقْضِ» ، أَيْ: لَوْ نُقِضَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي لَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ، لَوَجَبَ أَنْ يُنْقَضَ الْحُكْمُ الثَّانِي بِالثَّالِثِ إِذَا تَغَيَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>