. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ، حَيْثُ قَالُوا: لَا اعْتِبَارَ بِمُجْتَهِدِي التَّابِعِينَ مَعَ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ: الْحَقُّ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّ الْوَاقِعَةَ إِنْ حَدَثَتْ لِلصَّحَابَةِ بَعْدَ أَنْ صَارَ التَّابِعِيُّ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، كَانَ كَأَحَدِهِمْ لَا إِجْمَاعَ لَهُمْ بِدُونِهِ، وَإِنْ حَدَثَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى حُكْمِهَا، أَوِ اخْتَلَفُوا، أَوْ تَوَقَّفُوا، لَمْ يُعْتَدَّ بِقَوْلِهِ.
قُلْتُ: وَنَحْوَهُ اخْتَارَ الْآمِدِيُّ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ مَتَى أَدْرَكَ الْخِلَافَ فِيهَا، أَوِ التَّوَقُّفَ، اعْتُبِرَ قَوْلُهُ فِيهَا اخْتِلَافًا أَوِ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: «لَنَا: مُجْتَهِدٌ مِنَ الْأُمَّةِ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَنَا عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِ مَعَ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ «مُجْتَهِدٌ مِنَ الْأُمَّةِ، فَلَا يَنْهَضُ» دَلِيلُ السَّمْعِ عَلَى عِصْمَةِ الْإِجْمَاعِ «بِدُونِهِ» إِذِ الْعِصْمَةُ لِلْأُمَّةِ وَالصَّحَابَةِ بِدُونِ هَذَا التَّابِعِيِّ بَعْضِهَا لَا كُلِّهَا، فَلَا يَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ إِجْمَاعًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ سَوَّغُوا اجْتِهَادَ التَّابِعِينَ وَفَتْوَاهُمْ فِي عَصْرِهِمْ، فَوَلَّى عُمَرُ شُرَيْحًا الْقَضَاءَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: مَا لَمْ تَجِدْهُ فِي السُّنَّةِ، فَاجْتَهِدْ فِيهِ رَأْيَكَ. «وَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ» يَعْنِي لِشُرَيْحٍ «فِي مَسْأَلَةٍ اجْتَهَدَ فِيهَا» فَأَصَابَ: «قَالُونُ، أَيْ: جَيِّدٌ بِالرُّومِيَّةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute