للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَهُ الْعِلْمُ بَخَبَرِهِمْ ; وَجَبَ أَنْ يُفِيدَ بِشْرًا خَبَرُ مِائَةِ نَفْسٍ بِمَوْتِ بَكْرٍ، أَوْ تَزَوُّجِهِ، أَوْ حُصُولِ وَلَدٍ لَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، لِاسْتِوَاءِ الْقَضَايَا وَالْأَشْخَاصِ فِي ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرُوهُ مَعَ اقْتِرَانِ قَرَائِنَ بِالْخَبَرِ ; فَلَا يَلْزَمُ، بَلْ يَجُوزُ الِاخْتِلَافُ، أَيْ: اخْتِلَافُ إِفَادَةِ الْخَبَرِ الْعِلْمَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْوَقَائِعِ، إِذْ لَا يَبْعُدُ، وَلَا يَمْتَنِعُ، أَنْ يَسْمَعَ اثْنَانِ خَبَرًا وَاحِدًا، وَقَدِ احْتَفَّتْ بِذَلِكَ الْخَبَرِ قَرِينَةٌ أَوْ قَرَائِنُ، اخْتُصَّ بِعِلْمِهَا أَحَدُهُمَا ; فَيَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقَرِينَةِ، دُونَ الْآخَرِ، لِعَدَمِ ظُهُورِهِ عَلَى تِلْكَ الْقَرِينَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَرَائِنَ قَائِمَةٌ مَقَامَ بَعْضِ الْمُخْبِرِينَ ; فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أُخْبِرَ أَحَدُهُمَا تَوَاتُرًا وَالْآخِرُ آحَادًا. وَمِثَالُ ذَلِكَ: مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو: قَدْ تَزَوَّجَ بَكْرٌ، وَيَكُونُ زَيْدٌ قَدْ رَأَى بَكْرًا بِالْأَمْسِ يَشْتَرِي جِهَازَ الْعُرْسِ، دُونَ عَمْرٍو. أَوْ يُخْبِرُهُمَا الْمُخْبِرُ بِمَوْتِ بَكْرٍ، وَيَكُونُ زَيْدٌ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَيْئُوسٌ مِنْهُ، دُونَ عَمْرٍو ; فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ زَيْدًا يَحْصُلُ لَهُ زِيَادَةُ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْقَرِينَةِ مَا لَا يَحْصُلُ لِعَمْرٍو مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ، عِلْمًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ، «وَإِنْكَارُهُ مُكَابَرَةٌ» .

قَوْلُهُ: «وَيَجُوزُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقَرَائِنِ، لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْمُخْبِرِينَ فِي إِفَادَةِ الظَّنِّ وَتَزَايُدِهِ حَتَّى يَجْزِمَ بِهِ» . مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعِلْمَ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ يَحْصُلُ عَلَى جِهَةِ التَّزَايُدِ التَّدْرِيجِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَوَّلَ مُخْبِرٍ لِلْإِنْسَانِ بِخَبَرٍ يُحَرِّكُ عِنْدَهُ ظَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرِ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ الْمُخْبِرِ فِي صِدْقِهِ وَعَدَالَتِهِ، وَتَيَقُّظِهِ وَذَكَائِهِ، ثُمَّ كَلَّمَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ مُخْبِرٌ بَعْدَ مُخْبَرٍ، تَزَايَدَ ذَلِكَ الظَّنُّ بِإِخْبَارِهِمْ، حَتَّى يَبْلُغَ الْقَطْعَ وَالْيَقِينَ فِي نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>