. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ ثَابِتًا «بِنَصٍّ، وَإِنِ اخْتَلَفَا» - يَعْنِي الْخَصْمَيْنِ - فِي الْأَصْلِ، «أَوِ اتِّفَاقٌ مِنْهُمَا» عَلَى ثُبُوتِهِ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ، فَإِنْ وَافَقَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ، ثَبَتَ الْأَصْلُ بِالنَّصِّ وَالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ، فَالنَّصُّ وَافٍ بِإِثْبَاتِهِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْخَصْمِ. وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ ثُبُوتُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْفَرْعُ، وَيَلْحَقُ بِهِ، وَمَا لَا ثُبُوتَ لَهُ لَا يُتَصَوَّرُ بِنَاءُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اشْتُرِطَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُتَفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ غَايَةً يَنْقَطِعُ عِنْدَهَا النِّزَاعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إِذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَالْمُعْتَرِضُ كَمَا يُنَازِعُ فِي الْفَرْعِ يُنَازِعُ فِي الْأَصْلِ.
مِثَالُ مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ قَوْلُنَا: إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ تَالِفَةٌ، تَحَالَفَا؛ لِأَنَّهُمَا مُتَبَايِعَانِ اخْتَلَفَا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَالَفَا، كَمَا إِذَا كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ التَّحَالُفُ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ عَلَى رَأْيٍ لَهُمْ، فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا أَوْ تَرَادَّا، وَالتَّرَادُّ ظَاهِرٌ فِي بَقَاءِ الْعَيْنِ، عَلَى أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي غَسْلِ وُلُوغِ الْخِنْزِيرِ: حَيَوَانٌ نَجِسٌ، فَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا قِيَاسًا عَلَى الْكَلْبِ، فَإِنْ مَنَعُوا الْحُكْمَ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ، دَلَّلْنَا عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ فِيهِ.
وَمِثَالُ مَا ثَبَتَ بِالِاتِّفَاقِ قِيَاسُ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْأَرُزِّ عَلَى الْبُرِّ، وَالْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ عَلَى الْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ، وَهُوَ كَثِيرٌ.
قَوْلُهُ: «وَلَوْ ثَبَتَ بِقِيَاسٍ» ، أَيْ: إِذَا كَانَ الْأَصْلُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، حَصَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute