. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَقْصُودُ، وَلَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ صَارَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ، فَجَازَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ كَالْمَنْصُوصِ وَالْمُجْمَعِ.
مِثَالُهُ: أَنْ يَقُولَ: قَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الْأَرُزِّ قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الْكَيْلِ، فَيَحْرُمُ فِي الذُّرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْأَرُزِّ، لَكِنَّ هَذَا يُفْضِي إِلَى الْعَبَثِ الْمَذْكُورِ، وَيُنَافِي قَوْلَنَا بَعْدُ: إِنَّ الْأَصْلَ لَا يَصِحُّ إِثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ هُنَاكَ فِي تَحْقِيقِ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «إِذْ مَا لَيْسَ مَنْصُوصًا وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّتِهِ» . هَذَا تَوْجِيهٌ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ حُكْمِ الْأَصْلِ ثَابِتًا بِنَصٍّ أَوِ اتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ بِكَوْنِهِ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا مَقِيسًا عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اخْتُصَّ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لِثُبُوتِهِ فِي نَفْسِهِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلُ لَهُ هَذِهِ الْخَاصَّةُ ; لَمْ يَكُنْ بِالْأَصَالَةِ أَوْلَى مِنَ الْفَرْعِ.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَصِحُّ إِثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لَا يَصِحُّ إِثْبَاتُ الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِقِيَاسِهِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ، وَإِنْ شِئْتَ، قُلْتَ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا لِأَصْلٍ آخَرَ.
مِثَالُهُ: أَنْ يَقِيسَ الذُّرَةَ عَلَى الْأَرُزِّ الْمَقِيسِ عَلَى الْبُرِّ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الْأَصْلِ الْآخَرِ الَّذِي قَاسَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبَرُّ هَاهُنَا وَبَيْنَ مَحَلِّ النِّزَاعِ - وَهُوَ الذُّرَةُ - جَامِعٌ، فَقِيَاسُ مَحَلِّ النِّزَاعِ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ الْآخَرِ الْبَعِيدِ وَهُوَ الْبُرُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَوْسِيطَ الْأَوَّلِ الَّذِي قَاسَ عَلَيْهِ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَهُوَ الْأَرُزُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute