للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُعَارِضُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي الْقَطْعِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ. وَلَوْ صَحَّ، لَرَجَّحْنَاهُ، أَوْ خَرَّجْنَا الْخِلَافَ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ قُلْنَا بِهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا فِي الِاسْتِسْعَاءِ الْمُوجِبِ لِحُرِّيَّةِ بَاقِي الْعَبْدِ قَوْلَيْنِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يُرَجِّحُهُ. وَقَدْ صَحَّ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالْمَانِعُ لِلِاسْتِسْعَاءِ لَا يَمْنَعُهُ إِعْرَاضًا عَنِ التَّرْجِيحِ الْمَذْكُورِ، بَلْ قَدْ جَاءَ فِي ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَالْأَوْلَى خِلَافُهُ، وَثُبُوتُ الِاسْتِسْعَاءِ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فِي " الْقَوَاعِدِ الْكُبْرَى ".

قَوْلُهُ: " وَقَوْلُهُ "، أَيْ: وَيُرَجَّحُ قَوْلُهُ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى فِعْلِهِ، إِذِ الْفِعْلُ لَا صِيغَةَ لَهُ ".

أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ، رُجِّحَ الْقَوْلُ، لِأَنَّ لَهُ صِيغَةً دَالَّةً، بِخِلَافِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ لَا صِيغَةَ لَهُ تَدُلُّ بِنَفْسِهَا، وَإِنَّمَا دِلَالَةُ الْفِعْلِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاجِبَ الِاتِّبَاعِ، فَكَانَ الْقَوْلُ أَقْوَى، فَيُرَجَّحُ لِذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَوْلَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً، وَالْفِعْلَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ رَاجِحٌ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْرِيعًا عَامًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَإِذَا احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ، سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَتَعَيَّنَ الْقَوْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>