للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَقَامَهُ، وَالْجُرْحُ - بِالضَّمِّ - هُوَ أَثَرُ الْجَرْحِ - بِالْفَتْحِ - وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الْجِسْمِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الْمُحَدِّثُونَ وَالْفُقَهَاءُ فِيمَا يُقَابِلُ التَّعْدِيلَ، مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ تَأْثِيرٌ فِي الدِّينِ وَالْعِرْضِ، كَمَا أَنَّ الْجَرْحَ الْحَقِيقِيَّ تَأْثِيرٌ فِي الْجِسْمِ.

وَالْجَرْحُ كَمَا ذُكِرَ: هُوَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى الشَّخْصِ مَا يُرَدُّ قَوْلُهُ لِأَجْلِهِ، مِنْ فِعْلِ مَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ، أَوِ ارْتِكَابِ دَنِيئَةٍ.

وَبِالْجُمْلَةِ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مَا يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ قَبُولِ الرِّوَايَةِ. وَقَوْلُنَا: إِلَى الشَّخْصِ، هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ، لَا بِالْقَوْلِ، وَإِنَّمَا الْإِضَافَةُ مَنَعَتِ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مِنْ أَنْ يَلِيَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: «وَالتَّعْدِيلُ خِلَافُهُ» ، أَيْ: خِلَافُ الْجَرْحِ؛ فَيَكُونُ إِذَنْ نِسْبَةُ مَا يُقْبَلُ لِأَجْلِهِ قَوْلُ الشَّخْصِ، أَيْ أَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَالْعِفَّةِ، وَالصِّيَانَةِ، وَالْمُرُوءَةِ، وَالتَّدَيُّنِ، بِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ، مَا يُسَوِّغُ قَبُولَ قَوْلِهِ شَرْعًا، لِدَلَالَةِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ، وَمُجَانَبَةِ الْكَذِبِ.

وَقَوْلُنَا: الشَّخْصُ، لِيَعُمَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى.

وَالتَّعْدِيلُ: تَفْعِيلٌ، مِنَ الْعَدَالَةِ، وَهِيَ الِاعْتِدَالُ فِي السِّيرَةِ شَرْعًا، بِحَيْثُ لَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ.

قَوْلُهُ: «وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ بَيَانَ السَّبَبِ فِيهِمَا» ، أَيِ اشْتَرَطَ قَوْمٌ أَنْ يُبَيِّنَ الْجَارِحُ سَبَبَ الْجَرْحِ، وَالْمُعَدِّلُ سَبَبَ التَّعْدِيلِ؛ فَيَقُولُ مَثَلًا: هُوَ فَاسِقٌ؛ لِأَنَّهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، أَوْ هُوَ عَدْلٌ لِأَنَّهُ مُوَاظِبٌ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ فِيمَا أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «وَنَفَاهُ آخَرُونَ» ، أَيْ: بَيَانُ سَبَبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، نَفَى اشْتِرَاطَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>