للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

" أَحَدُهَا: ذِكْرُ الْحُكْمِ عَقِيبَ الْوَصْفِ بِالْفَاءِ، نَحْوَ " قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٢٢] ، وَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [الْمَائِدَةِ: ٣٨] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ، مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ. فَهَذِهِ كُلُّهَا أَحْكَامٌ ذُكِرَتْ عَقِيبَ أَوْصَافٍ كَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ عَقِيبَ الْمَحِيضِ، وَقَطْعِ السَّارِقِ عَقِيبَ السَّرِقَةِ، وَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ عَقِيبَ التَّبْدِيلِ، وَمُلْكِ الْأَرْضِ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي قَبْلَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ وَسَبَبٌ لِثُبُوتِهِ، لِأَنَّ " الْفَاءَ " فِي اللُّغَةِ " لِلتَّعْقِيبِ " عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ، " فَتُفِيدُ تَعَقُّبَ الْحُكْمِ الْوَصْفَ " أَيْ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَقِيبَ الْوَصْفِ، وَأَنَّهُ - يَعْنِي الْوَصْفَ - سَبَبُ الْحُكْمِ، لِأَنَّ " السَّبَبَ مَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ عَقِيبَهُ " كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ.

" وَلِهَذَا " أَيْ: وَلِكَوْنِ السَّبَبِ مَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ عَقِيبَهُ، أَوْ لِكَوْنِ مَا بَعْدَ الْفَاءِ مُسَبَّبًا لِمَا قَبْلَهَا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ، فِي مِثْلِ هَذِهِ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ، " تُفْهَمُ السَّبَبِيَّةُ مَعَ عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ " أَيْ: يُفْهَمُ كَوْنُ الْوَصْفِ سَبَبًا لِمَا بَعْدَهُ مَعَ عَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لَهُ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، مِنْ أَكَلَ لَحْمَ الْجَزُورِ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، إِذْ لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ، وَالسَّبَبِيَّةُ مَفْهُومَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>