. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: " وَكَذَلِكَ لَفْظُ الرَّاوِي " أَيْ: فِي كَوْنِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِالْفَاءِ يُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ، لِأَنَّهُ وَالشَّارِعُ جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَاقْتِضَاءُ اللُّغَةِ وَاحِدٌ، فَلَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّاوِي: سَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ، وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ، فَرَتَّبَ السُّجُودَ عَلَى السَّهْوِ، وَالرَّجْمَ عَلَى الزِّنَى، وَكَذَا قَوْلُ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: رَضَخَ يَهُودِيٌّ رَأْسَ جَارِيَةٍ، فَأَمْرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرْضَخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. وَقَوْلُ الْآخَرِ: عُتِقَتْ بَرِيرَةُ تَحْتَ عَبْدٍ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: " اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِهِ " إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: حَكَمْنَا بِالسَّبَبِيَّةِ فِي لَفْظِ الرَّاوِي اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِهِ لَهَا مِنْ فِعْلِ الشَّارِعِ، " وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ " فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا تَقْتَضِيهِ أَلْفَاظُهَا، فَلَا يَرْوِي لَنَا صُورَةً إِلَّا وَهِيَ تُفِيدُ الْوَاقِعَ، وَعَلَى كَوْنِهِ أَمِينًا عَلَى الشَّرِيعَةِ، فَلَا يَرْوِي لَنَا مَا يُوقِعُ التَّدْلِيسَ فِيهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّبْسَ إِنَّمَا يَقَعُ مَعَ رِوَايَةِ جَاهِلٍ أَوْ خَائِنٍ، وَالرَّاوِي إِنْ كَانَ صَحَابِيًّا، فَالْجَهْلُ وَالْخِيَانَةُ مَنْفِيَّانِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحَابِيٍّ، فَنَحْنُ لَا نَقْبَلُ إِلَّا رِوَايَةَ مَنِ انْتَفَتْ عَنْهُ الصِّفَتَانِ، فَحَصَلَ الْأَمَانُ مِنَ اللَّبْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute