. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي الْأَصْلِ، وَيُفْسِدَ كُلَّ عِلَّةٍ عَلَّلَ بِهَا. أَمَّا إِذَا أَجْمَعَ عَلَى كَوْنِهِ مُعَلَّلًا، لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَدِلُّ نَاظِرًا لَا مُنَاظِرًا، اعْتُبِرَ الْإِجْمَاعُ عَلَى التَّعْلِيلِ أَيْضًا، لِأَنَّ غَرَضَهُ لَيْسَ إِفْحَامَ خَصْمٍ، بَلِ اسْتِخْرَاجَ حُكْمٍ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هَذَا الْوَصْفُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي تَعْلِيلِ الْحُكْمِ، وَفِي هَذَا شَيْءٌ لَا يَخْفَى.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ سَبْرُهُ حَاصِرًا لِجَمِيعِ الْعِلَلِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاصِرًا; لَجَازَ أَنْ يَبْقَى وَصْفٌ هُوَ الْعِلَّةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَذْكُرْهُ، فَيَقَعُ الْخَطَأُ فِي الْقِيَاسِ، وَلَا يَصِحُّ السَّبْرُ. وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الْأَمْرَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِقَوْلِهِ: «فَإِنْ لَمْ يُجْمِعْ عَلَى تَعْلِيلِهِ; جَازَ ثُبُوتُهُ تَعَبُّدًا» «وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْرُهُ حَاصِرًا» .
وَاعْلَمْ أَنْ دَلَالَةَ السَّبْرِ قَاطِعَةٌ إِنْ كَانَ حَصْرُ الْأَقْسَامِ وَإِبْطَالُ مَا عَدَا الْوَاحِدَ مِنْهَا قَاطِعًا، وَإِنْ كَانَا ظَنِّيَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، كَانَتْ دَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةً.
قَوْلُهُ: «بِمُوَافَقَةِ خَصْمِهِ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا بَيَانٌ لِطَرِيقِ ثُبُوتِ حَصْرِ السَّبْرِ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مُوَافَقَةُ الْخَصْمِ عَلَى انْحِصَارِ الْعِلَّةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ، كَانْحِصَارِ عِلَّةِ الرِّبَا فِي الْكَيْلِ أَوِ الطُّعْمِ أَوِ الْقُوتِ، لِأَنَّ الْخَصْمَ إِذَا سَلَّمَ انْحِصَارَ الْعِلَّةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ وَاسْتَتَمَّ لَهُ إِبْطَالُهَا إِلَّا وَاحِدَةً، حَصَلَ مَقْصُودُهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَعْجِزَ الْخَصْمُ «عَنْ إِظْهَارِ وَصْفٍ زَائِدٍ» عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ، لِأَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ; فَقَدْ سَلِمَ الْحَصْرُ ضَرُورَةً، فَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ مُوَافَقَةَ الْخَصْمِ عَلَى الْحَصْرِ إِمَّا اخْتِيَارِيَّةٌ بِالتَّسْلِيمِ، أَوِ اضْطِرَارِيَّةٌ بِعَجْزِهِ عَنِ الزِّيَادَةِ.
قَوْلُهُ: «فَيَجِبُ إِذَنْ عَلَى خَصْمِهِ تَسْلِيمُ الْحَصْرِ، أَوْ إِبْرَازُ مَا عِنْدَهُ لِيَنْظُرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute