. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِيهِ» أَيْ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ سَبْرَ الْمُسْتَدِلِّ لِلْأَوْصَافِ حَاصِرٌ بِمُوَافَقَةِ الْخَصْمِ، أَوْ عَجْزِهِ عَنِ الزِّيَادَةِ، وَجَبَ حِينَئِذٍ عَلَى الْخَصْمِ الْمُعْتَرِضِ إِمَّا «تَسْلِيمُ الْحَصْرِ» فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُسْتَدِلِّ مِنْهُ، «أَوْ إِبْرَازُ مَا عِنْدَهُ» يَعْنِي إِظْهَارَ مَا عِنْدَ الْمُعْتَرِضِ مِنَ الْأَوْصَافِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ «لِيَنْظُرَ فِيهِ، فَيُفْسِدُهُ» وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَ الْمُعْتَرِضِ: عِنْدِي وَصْفٌ زَائِدٌ، لَكِنِّي لَا أَذْكُرُهُ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إِمَّا صَادِقٌ، فَيَكُونُ كَاتِمًا لِعِلْمٍ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ، أَوْ كَاذِبٌ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْحَصْرُ.
قَوْلُهُ: «بِبَيَانِ بَقَاءِ الْحُكْمِ مَعَ حَذْفِهِ، أَوْ بِبَيَانِ طَرْدِيَّتِهِ» إِلَى آخِرِهِ.
يَعْنِي إِذَا أَبْرَزَ الْخَصْمُ الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ مِنَ الْأَوْصَافِ، لَزِمَ الْمُسْتَدِلُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ الْوَصْفِ، فَيُفْسِدُهُ، وَيُبَيِّنُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ، وَلَهُ إِلَى ذَلِكَ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُبَيِّنَ بَقَاءَ الْحُكْمِ مَعَ حَذْفِهِ، أَيْ: عَدَمِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْحَنْبَلِيُّ أَوِ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ أَمَانٌ وُجِدَ مِنْ عَاقِلٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُتَّهَمٍ، فَيَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى الْحُرِّ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذَكَرَتْ هُوَ أَوْصَافُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ فَقَطْ، بَلْ هُنَاكَ وَصْفٌ آخَرُ، وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْعَبْدِ. وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ، فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: وَصْفُ الْحُرِّيَّةِ مُلْغًى بِالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنَّ أَمَانَهُ يَصِحُّ بِاتِّفَاقٍ مَعَ عَدَمِ الْحُرِّيَّةِ، فَصَارَ وَصْفًا لَاغِيًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْعِلَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute