. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي إِبْطَالِ الْوَصْفِ الزَّائِدِ: أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ وَصْفًا طَرْدِيًّا، أَيْ: لَمْ يَلْتَفِتِ «الشَّرْعُ إِلَيْهِ فِي مَعْهُودِ تَصَرُّفِهِ» أَيْ: فِيمَا عُهِدَ مِنْ تَصَرُّفِهِ، كَالطُّولِ وَالْقَصْرِ وَالذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ.
مِثَالُهُ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: يَسْرِي الْعِتْقُ فِي الْأَمَةِ قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ بِجَامِعِ الرِّقِّ، إِذْ لَا عِلَّةَ غَيْرُهُ عَمَلًا بِالسَّبْرِ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: الذُّكُورِيَّةُ وَصْفٌ زَائِدٌ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَمُلَ عِتْقُهُ بِالسِّرَايَةِ، حَصَلَ مِنْهُ مَا لَا يَحْصُلُ مِنَ الْأَمَةِ مِنْ تَأَهُّلِهِ لِلْحُكْمِ وَالْإِمَامَةِ وَأَنْوَاعِ الْوِلَايَاتِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ السِّرَايَةِ فِي الْأَكْمَلِ ثُبُوتُهُ فِي غَيْرِهِ.
فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْفَرْقِ مُنَاسِبٌ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَرَ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ الذُّكُورِيَّةَ وَالْأُنُوثِيَّةَ فِي بَابِ الْعِتْقِ، فَيَكُونُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ مَعْهُودٍ تَصْرِفُهُ، فَيَكُونُ وَصْفًا طَرْدِيًّا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَفْسُدُ الْوَصْفُ بِالنَّقْضِ» إِلَى آخِرِهِ. يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ لَا يَكْفِيهِ فِي إِفْسَادِ الْوَصْفِ الَّذِي أَبْرَزَهُ الْمُعْتَرِضُ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ مُنْتَقِضًا، بَلْ يُوجَدُ بِدُونِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ الْعِلَّةِ، أَوْ شَرْطًا لَهَا. وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُسْتَقِلًّا بِوُجُودِ الْحُكْمِ لِوُجُودِهِ، «وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ» بِالْحُكْمِ «صِحَّةُ عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ بِدُونِهِ» لِأَنَّهُ جُزْءٌ لَهَا وَشَرْطٌ، وَالْعِلَّةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ جُزْئِهَا أَوْ شَرْطِهَا.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: عِلَّةُ الرِّبَا فِي الْبُرِّ الْكَيْلُ، فَعَارَضَهُ الْمُعْتَرِضُ بِالطُّعْمِ، فَنَقَضَهُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُطْعَمُ وَلَا رَبًّا فِيهِ، لَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ فِي بُطْلَانِ كَوْنِ الطُّعْمِ عِلَّةً، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ عِلَّةِ الرِّبَا، بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَجْمُوعَ الْكَيْلِ وَالطُّعْمِ، أَوْ شَرْطًا فِيهَا فَتَكُونُ عِلَّةُ الرِّبَا الْكَيْلَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَكِيلُ مَطْعُومًا. وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ كَوْنِ الطُّعْمِ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute