. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلِهِ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [الْمَائِدَةِ: ١] ; فَفُهِمَ مِنْهُ إِبَاحَةُ الصَّيْدِ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الْجُمُعَةِ: ١٠] ، اقْتَضَى إِبَاحَةَ الِانْتِشَارِ بَعْدَ الْمَنْعِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [الْبَقَرَةِ: ٢٢٢] ، اقْتَضَى إِبَاحَةَ الْوَطْءِ بَعْدَ قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مَوَارِدِ هَذِهِ الصِّيغَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ، هُوَ لِلْإِبَاحَةِ ; فَلْتَكُنْ هِيَ مُقْتَضَاهُ.
- قَوْلُهُ: " وَاسْتِفَادَةُ وُجُوبِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} ، وَنَحْوِهَا، لَا مِنْ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}
هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: اسْتَفَدْنَا مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التَّوْبَةِ: ٥] ، وُجُوبَ قَتْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ، بِحُكْمِ الْعَهْدِ ; فَلْيَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ، وَيَتَرَجَّحُ هَذَا بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ فِي الْأَمْرِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ كَمَا سَبَقَ.
وَالْجَوَابُ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَنَّ وُجُوبَ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ مَنْعِهِ، لَمْ نَسْتَفِدْهُ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ، بَلْ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التَّوْبَةِ: ١٢] ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْآيَاتِ، الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْأَمْرِ بِالْقِتَالِ وَالْقَتْلِ، نَحْوَ: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [الْبَقَرَةِ: ١٩١] ، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التَّحْرِيمِ: ٩] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التَّوْبَةِ: ١٢٣] ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَلَوْ تُرِكْنَا وَظَاهِرَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ، لَمَا فَهِمْنَا إِلَّا إِبَاحَةَ قِتَالِهِمْ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْوُجُوبُ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجٍ.
وَحَاصِلُ الْأَمْرِ: أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ ; فَتَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبٍ، كَوُجُوبِ قِتَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute