للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ مُجْمَلٌ.

«لَنَا» عَلَى عَدَمِ الْإِجْمَالِ: أَنَّ «الْحُكْمَ الْمُضَافَ إِلَى الْعَيْنِ، يَنْصَرِفُ لُغَةً وَعُرْفًا إِلَى مَا أُعِدَّتْ لَهُ» مِنَ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءِ الْأُمَّهَاتِ، إِذْ لَيْسَتِ الْمَيْتَةُ وَالْأُمَّهَاتُ مُعَدَّةً فِي مَشْهُورِ الْعُرْفِ إِلَّا لِذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [الْمَائِدَةِ: ١] ، {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [الْمَائِدَةِ: ٩٦] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ; فُهِمَ مِنْهُ الْأَكْلُ، وَلَمَّا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٤] ; فُهِمَ مِنْهُ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا نَظَرٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِجْمَالَ يُخِلُّ بِالتَّفَاهُمِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

- قَوْلُهُ: «قَالُوا:» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْخَصْمِ عَلَى الْإِجْمَالِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْأَعْيَانَ أَنْفُسَهَا لَا تَتَّصِفُ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَالْأَفْعَالُ مُتَعَدِّدَةٌ مُتَسَاوِيَةٌ، إِذْ لَا يَدْرِي هَلِ الْمُحَرَّمُ مِنَ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا، أَمْ بَيْعُهَا، أَمِ النَّظَرُ إِلَيْهَا، أَمْ لَمْسُهَا؟ وَمِنَ الْأُمِّ وَطْؤُهَا، أَمِ النَّظَرُ إِلَيْهَا، أَمْ لَمْسُهَا؟ وَإِضْمَارُ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ الْمُحْتَمَلَةِ تَكْثِيرٌ لِمَا هُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْإِضْمَارُ ; فَلَا يَجُوزُ إِضْمَارُ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ لَا دَلِيلَ فِي اللَّفْظِ عَلَيْهِ ; فَتَعَيَّنَ الْإِجْمَالُ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

- قَوْلُهُ: «قُلْنَا: مَمْنُوعٌ، بَلِ التَّرْجِيحُ عُرْفِيٌّ كَمَا ذُكِرَ» ، أَيْ: تَسَاوِي الْأَفْعَالِ فِي فَهْمِ تَعَلُّقِهَا بِالْأَعْيَانِ مَمْنُوعٌ، بَلْ رُجْحَانُ تَعَلُّقِ بَعْضِهَا حَاصِلٌ بِالْعُرْفِ، كَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ اللِّسَانِ وَالْعُرْفِ تُبَادِرُ أَفْهَامُهُمْ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>