. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَرَّمْتُ عَلَيْكَ هَذَا الطَّعَامَ ; إِلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهِ، وَحَرَّمْتُ عَلَيْكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، إِلَى تَحْرِيمِ وَطْئِهَا، دُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ. وَلَوْ سَلَّمْنَا عَدَمَ هَذَا الرُّجْحَانِ عُرْفًا أَوْ لُغَةً، لَكُنَّا نُضْمِرُ جَمِيعَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهَا بِالْعَيْنِ ; لِأَنَّ الْإِضْمَارَ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لَكِنَّهُ أَقَلُّ مَفْسَدَةً مِنَ الْإِجْمَالِ، وَإِذَا أَضْمَرْنَا جَمِيعَ الْأَفْعَالِ ; فَلَا إِجْمَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
- قَوْلُهُ: «وَكَذَا» : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٧٥] ، مُجْمَلٌ عِنْدِ الْقَاضِي ; لِتَرَدُّدِ الرِّبَا بَيْنَ مُسَمَّيَيْهِ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ لِأَنَّ الرِّبَا فِي اللُّغَةِ: الزِّيَادَةُ كَيْفَ كَانَتْ، وَحَيْثُ كَانَتْ، وَفِي الشَّرْعِ: هُوَ زِيَادَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهُوَ التَّفَاضُلُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ، كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَصَاعٍ بِصَاعَيْنِ ; فَنَتَوَقَّفُ فِيهِ، حَتَّى نَعْلَمَ أَيَّ الزِّيَادَتَيْنِ أَرَادَ. هَكَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ.
وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} فَقَطْ، وَهُوَ أَصَحُّ وَأَوْلَى.
وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الْبِيَاعَاتِ فِي الشَّرْعِ، مِنْهَا حَلَالٌ كَالْعُقُودِ الْمُسْتَجْمِعَةِ لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَمِنْهَا حَرَامٌ كَبُيُوعِ الْغَرَرِ، وَبَيْعِ التَّلَقِّي، وَالْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ، وَنَحْوِهِ.
فَمِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَيْعَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} مُجْمَلٌ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْبِيَاعَاتِ الْجَائِزَةِ وَالْمُحَرَّمَةِ، ثُمَّ وَرَدَ الْبَيَانُ مِنَ الشَّرْعِ، بِالْمُحَرَّمِ مِنْهَا مِنَ الْجَائِزِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute