. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَذْمُومٌ، أَيْ: يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ، وَلَيْسَ كُلُّ مَذْمُومٍ مُعَاقَبًا، أَوْ مُتَوَعَّدًا عَلَى التَّرْكِ، لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: صَلِّ أَوْ صُمْ. فَإِنْ تَرَكْتَ، فَقَدْ أَخْطَأْتَ وَعَصَيْتَ وَلَا عِقَابَ عَلَيْكَ، لِأَنَّ الْعِقَابَ مَوْضُوعٌ شَرْعِيٌّ، فَلِلشَّرْعِ أَنْ يَضَعَهُ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ، وَالذَّمُّ هُوَ الْعَيْبُ، وَهُوَ نَقِيضُ الْمَدْحِ وَالْحَمْدِ، يُقَالُ: ذَمَّهُ يَذُمُّهُ: إِذَا عَابَهُ، وَالْعَيْبُ: النَّقْصُ. فَكَانَ الذَّمُّ نِسْبَةَ النَّقْصِ إِلَى الشَّخْصِ، فَقَوْلُنَا: " مَا ذُمَّ "، أَيْ: مَا عِيبَ " شَرْعًا "، أَيِ: احْتِرَازٌ مِمَّا عِيبَ عَقْلًا أَوْ عُرْفًا، وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَفْعَالِ يُذَمُّ فَاعِلُهُ عُرْفًا لَا شَرْعًا، فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا، لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالذَّمِّ الشَّرْعِيِّ.
وَقَوْلُنَا: " مُطْلَقًا ": احْتِرَازٌ مِنَ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، وَالْمُخَيَّرِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِنَّ التَّرْكَ يَلْحَقُهَا بِالْجُمْلَةِ، وَهُوَ تَرْكُ الْمُوَسَّعِ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ وَقْتِهِ، وَتَرْكُ بَعْضِ أَعْيَانِ الْمُخَيَّرِ، وَتَرْكُ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَرْكًا مُطْلَقًا، إِذِ الْمُوَسَّعُ إِنْ تُرِكَ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ وَقْتِهِ فُعِلَ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَمُخَيَّرٌ إِنْ تَرَكَ بَعْضَ أَعْيَانِهِ، فَعَلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ إِنْ تَرَكَهُ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ، فَعَلَهُ الْبَعْضُ الْآخَرُ، وَكُلُّهُمْ فِيهِ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا التَّرْكِ ذَمٌّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ تَرْكًا مُطْلَقًا، بِمَعْنَى خُلُوِّ مَحَلِّ التَّكْلِيفِ عَنْ إِيقَاعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ.
وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَذْكُرُ قَيْدَ الْإِطْلَاقِ فِي " الرَّوْضَةِ "، بَلْ قَالَ: وَقِيلَ: مَا يُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا. فَتُرَدُّ الْوَاجِبَاتُ الثَّلَاثَةُ حَيْثُ يَلْحَقُهَا التَّرْكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute