للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذَلِكَ الْقَوْلِ فِيهِمْ، وَكَانَ الْقَوْلُ تَكْلِيفِيًّا، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا أَمْ لَا؟ فَلَوْ لَمْ يَشْتَهِرِ الْقَوْلُ فِيهِمْ، لَمْ يَدُلَّ سُكُوتُهُمْ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَكْلِيفِيًّا، لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ أَمْرٌ دِينِيٌّ، وَمَا لَيْسَ تَكْلِيفِيًّا، لَيْسَ دِينِيًّا بَلْ دُنْيَوِيًّا.

فَإِذَا اشْتُهِرَ قَوْلُ بَعْضِ الْأُمَّةِ التَّكْلِيفِيُّ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ نَكِيرٌ، فَهُوَ إِجْمَاعٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْجُبَّائِيِّ، لَكِنَّهُ اشْتُرِطَ فِيهِ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ لِضَعْفِهِ كَمَا سَبَقَ " خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ " وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ حَيْثُ قَالَا: لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ دَاوُدَ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.

" وَقِيلَ ": هُوَ " حُجَّةٌ لَا إِجْمَاعٌ " أَيْ: حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ يَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي هَاشِمٍ، وَاخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ.

" وَقِيلَ: فِي الْفُتْيَا " أَيْ: هُوَ إِجْمَاعٌ فِي الْفُتْيَا " لَا " فِي " الْحُكْمِ " أَيْ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ فُتْيَا مِنْ مُفْتٍ ; كَانَ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ عَنْ إِنْكَارِهِ إِجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ حُكْمًا مِنْ حَاكِمٍ، لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْإِنْكَارُ عَنْهُ، إِمَّا مَهَابَةً لَهُ، أَوْ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ تَتْبَعُ اطِّلَاعَهُ عَلَى أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ، فَرُبَّمَا حَكَمَ بِحُكْمٍ لِأَمْرٍ اخْتَصَّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، فَلَا يُقْدِمُ غَيْرُهُ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، لِقِيَامِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَحِينَئِذٍ سُكُوتُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، لِجَوَازِ أَنَّ الْحَاكِمَ أَخْطَأَ ظَاهِرًا، وَأَصَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>