. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «قُلْنَا» هَذَا جَوَابُ مَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَادَةَ «حُجَّةٌ عَلَى الدَّلِيلِ، لِجَوَازِ مُخَالَفَتِهَا إِيَّاهُ» ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ لَا يُسْتَفْتَى كَمَا سَبَقَ. وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْعَادَةِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ وَكَذَلِكَ مُطْلَقُ «الْعَادَةِ لَيْسَتْ حُجَّةً عَلَى» مُطْلَقِ «الدَّلِيلِ لِجَوَازِ» أَنْ تُخَالِفَهُ، وَمَا خَالَفَ الدَّلِيلَ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَادَةَ مَا ذَكَرْتُمْ، بَلِ الْعَادَةُ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بَلَدًا احْتَاطَ لِدِينِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ. وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ ; لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ شُهْرَتَهَا، بَلْ هُوَ عَادَةُ شُذُوذِ النَّاسِ وَجُهَّالِهِمْ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا مَشْهُورَةٌ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اتِّفَاقٍ عَلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ حُجَّةً.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ وُجُوبُ السُّؤَالِ عَنْ عِلْمِهِ مُلْتَزِمٌ» ، أَيْ: نَلْتَزِمُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بَلَدًا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ عِلْمِ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ، وَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ وُجُوبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اسْتَفَدْتُمُوهُ مِنَ الْعَادَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا بُطْلَانَهُ.
قَوْلُهُ: «وَالْعَدَالَةُ أَصْلِيَّةٌ فِي كُلِّ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ الْعِلْمِ» .
هَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَالْعِلْمِ: بِأَنَّ عَدَالَةَ الْمُفْتِي إِنَّمَا لَمْ يَجِبِ السُّؤَالُ عَنْهَا، لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي كُلِّ مُسْلِمٍ بِخِلَافِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ عَدَمَهُ أَصْلِيٌّ فِي كُلِّ أَحَدٍ، فَلِذَلِكَ أَوْجَبْنَا السُّؤَالَ عَنْ عِلْمِ الْمُفْتِي دُونَ عَدَالَتِهِ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute