للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاسِ لِلْأَخْذِ عَنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الطُّرُقِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «بِطَرِيقٍ مَا» ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ لِمَا عُرِفَ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ جَهْلَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفْتِيَهُ، لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ لِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، فَهُوَ كَالْعَالِمِ يُفْتِي بِغَيْرِ دَلِيلٍ. أَمَّا مَنْ جَهِلَ حَالَهُ، فَلَا يُقَلِّدُهُ أَيْضًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، خِلَافًا لِقَوْمٍ.

«لَنَا» عَلَى أَنْ لَا يُقَلِّدَهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ «غَالِبَ النَّاسِ غَيْرُ مُجْتَهِدٍ، فَاحْتِمَالُ الْأَهْلِيَّةِ مَرْجُوحٌ» .

يَعْنِي أَنَّ هَذَا لَمَّا جُهِلَ حَالُهُ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ، لَكِنَّ غَالِبَ الْإِنْسِ غَيْرُ أَهْلٍ لَلْفُتْيَا، فَحَمْلُ هَذَا عَلَى الْغَالِبِ رَاجِحٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ أَهْلِيَّتُهُ مَرْجُوحَةً، فَيَنْتَفِي ظَنُّ أَهْلِيَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُفْتِيَ يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهِ، وَكُلُّ «مَنْ وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ، وَجَبَ مَعْرِفَةُ حَالِهِ» ، كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ، وَجَبَ مَعْرِفَةُ حَالِهِ وَامْتِحَانِهِ بِظُهُورِ الْمُعْجِزِ عَلَى يَدِهِ، «وَالشَّاهِدُ وَالرَّاوِي» لَمَّا وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِمَا، وَجَبَ مَعْرِفَةُ حَالِهِمَا «بِالتَّعْدِيلِ» .

قَوْلُهُ: «قَالُوا» . هَذَا حُجَّةُ الْخَصْمِ عَلَى قَبُولِ فُتْيَا الْمَجْهُولِ الْحَالِ. وَتَقْرِيرُهَا: أَنَّ «الْعَادَةَ» جَرَتْ بِأَنَّ «مَنْ دَخَلَ بَلَدًا لَا يَسْأَلُ عَنْ عِلْمِ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ وَلَا عَدَالَتِهِ» ، وَالْعَوَائِدُ الْمَشْهُورَةُ حُجَّةٌ لِدِلَالَتِهَا عَلَى اتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>