. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَمَّا لَفْظُ الرِّجَالِ ; فَهُوَ مِنْ كَلَامِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُمِّ عُمَارَةَ، وَالْكَلَامُ فِي تَنَاوُلِ لَفْظِ الشَّارِعِ لِلنِّسَاءِ لَا لَفْظِ غَيْرِهِ، بَلْ قَوْلُهَا: " يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا تَغْزُو النِّسَاءُ "، قَاطِعٌ فِي أَنَّهَا فَهِمَتِ اخْتِصَاصَ الرِّجَالِ بِنَحْوِ: جَاهِدُوا وَقَاتِلُوا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ لَفْظَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ لَوْ تَنَاوَلَ النِّسَاءَ، لَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٥] الْآيَةَ وَنَحْوُهُ مِثْلُ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التَّوْبَةِ: ٧١] ، تَكْرَارًا، كَمَا لَوْ قَالَ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٥] ، وَالتَّكْرَارُ عَبَثٌ.
فَإِنْ قِيلَ: الْعَبَثُ هُوَ التَّكْرَارُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، أَمَّا التَّكْرَارُ لِفَائِدَةٍ ; فَلَيْسَ عَبَثًا، وَفَائِدَتُهُ هَاهُنَا تَخْصِيصُ النِّسَاءِ بِالذِّكْرِ بِلَفْظٍ يَخُصُّهُنَّ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُسْلِمَاتِ} ; فَلَا يَكُونُ عَبَثًا.
فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى السَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَسُؤَالُ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا كَانَ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ النِّسَاءِ، لَا عَنْ عَدَمِ تَخْصِيصِهِنَّ بِلَفْظٍ ; فَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرْتُمْ.
الثَّانِي: أَنَّ بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا قُلْتُمْ يَكُونُ: وَالْمُسْلِمَاتِ تَأْكِيدًا، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ يَكُونُ تَأْسِيسًا، وَفَائِدَةُ التَّأْسِيسِ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَكْمَلُ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: وَلَيْسَ فِي " الْمُخْتَصَرِ "، أَنَّ الْجَمْعَ تَضْعِيفُ الْوَاحِدِ ; فَالْمُؤْمِنُونَ تَضْعِيفُ مُؤْمِنٍ، وَكُلُوا تَضْعِيفُ ضَمِيرِ كُلْ، وَكَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَكُلْ لَا يَتَنَاوَلُ الْأُنْثَى، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، كَذَلِكَ مُؤْمِنُونَ وَكُلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute