. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هَذَا الْجَوَابُ: أَنَا أُجِيبُ بِهِ عَنِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ، وَعِبَارَةُ «الْمُخْتَصَرِ» وَافِيَةٌ بِهِ، لَكِنْ رُبَّمَا تَوَقَّفَ تَصَوُّرُهُ عَلَى بَعْضِ النَّاظِرِينَ ; فَيَحْتَاجُ وُضُوحُهَا إِلَى بَسْطٍ وَكَشْفٍ.
وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مَجَازٌ، بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ أَوَّلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا، لَكِنَّهُ فِي تَقْدِيرِ أَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُطَابِقَةٍ لِأَفْرَادِ مَدْلُولِهِ فِي الْعَدَدِ.
مِثَالُهُ: إِذَا قَالَ: أَكْرِمِ الرِّجَالَ، وَفَرَضْنَا أَنَّ جِنْسَ الرِّجَالِ عِشْرُونَ ; فَلَفْظُ الرِّجَالِ فِي تَقْدِيرِ عِشْرِينَ لَفْظًا يَدُلُّ كُلُّ لَفْظٍ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْعِشْرِينَ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَكْرِمْ زَيْدًا وَعَمْرًا وَبَكْرًا وَخَالِدًا وَجَعْفَرًا وَبِشْرًا. . . كَذَلِكَ حَتَّى سَمَّى الْعِشْرِينَ، فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا تُكْرِمُ زَيْدًا، صَارَ زَيْدٌ مَخْصُوصًا مِنَ الْعِشْرِينَ، وَسَقَطَ لَفْظُ اسْمِهِ الْمُطَابِقُ لِمُسَمَّاهُ تَقْدِيرًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: فَسَقَطَ مِنْهَا بِالتَّخْصِيصِ، أَيْ: مِنَ الْأَلْفَاظِ التَّقْدِيرِيَّةِ طِبْقُ مَا خُصَّ مِنَ الْمَعْنَى، وَهُوَ لَفْظُ زَيْدٍ الْمُطَابِقُ لِمَعْنَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ; فَيَبْقَى مَعْنَاهُ تِسْعَةَ عَشَرَ شَخْصًا مِنَ الرِّجَالِ، وَتِسْعَةَ عَشَرَ لَفْظًا تَقْدِيرِيَّةٌ، هِيَ أَسْمَاؤُهُمْ، وَتِسْعَةَ عَشَرَ اسْمًا تُطَابِقُ فِي الْعَدَدِ تِسْعَةَ عَشَرَ شَخْصًا مُسَمًّى. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: فَالْبَاقِي مِنْهَا، أَيْ: مِنَ الْأَلْفَاظِ التَّقْدِيرِيَّةِ، وَمِنَ الْمَدْلُولِ وَهِيَ الْأَشْخَاصُ، مُتَطَابِقَانِ تَقْدِيرًا.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لَفْظَ الْعَامِّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ مُطَابِقٌ لِمَدْلُولِهِ فِي التَّقْدِيرِ ; فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute