. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الْمَائِدَةِ: ٥] ، مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٢١] ; فَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشْرِكَاتِ مَا عَدَا الْكِتَابِيَّاتِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَ مَدْلُولِ الْمُشْرِكَاتِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُنَّ الْكِتَابِيَّاتُ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي التَّخْصِيصَ، جَائِزٌ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ.
قُلْتُ: لِأَنَّهُ بَيَانٌ كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِّهِ، وَالْبَيَانُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرِ فِي بَيَانِهِ، بِخِلَافِ النَّسْخِ ; فَإِنَّهُ رَفْعٌ وَإِبْطَالٌ ; فَاتَّجَهَتِ الشُّبْهَةُ فِي وُقُوعِهِ.
قَوْلُهُ: «بِدَلِيلِ» ، أَيِ: التَّخْصِيصُ جَائِزٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: ١٠١] ، {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: ١٠٢] ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصِفَاتِهِ، إِذْ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً. وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي صِفَةِ الرِّيحِ الَّتِي أَهْلَكَتْ عَادًا: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الْأَحْقَافِ: ٢٥] ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ لَمْ تُدَمِّرْهَا، كَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْآيَةُ يَحْتَجُّ بِهَا الْأُصُولِيُّونَ عَلَى إِطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ، وَلَا حُجَّةَ فِيهَا ; لِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُقَيَّدَةً بِمَا يَمْنَعُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذَّارِيَاتِ: ٤١، ٤٢] ، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} مُقَيَّدٌ بِمَا أَتَتْ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّدْمِيرُ مَخْتَصًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute