الرَّابِعُ: النَّصُّ: كَتَخْصِيصِ «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ،» لِعُمُومِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [الْمَائِدَةِ: ٣٨] ، «وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . لِعُمُومِ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ،» وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ كِتَابًا، أَوْ سُنَّةً، مُتَقَدِّمًا، أَوْ مُتَأَخِّرًا، لِقُوَّةِ الْخَاصِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ. وَعَنْ أَحْمَدَ يُقَدَّمُ الْمُتَأَخِّرُ، خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ، وَلِأَنَّ الْعَامَّ كَآحَادِ صُوَرٍ خَاصَّةٍ ; فَجَائِزٌ أَنْ يُرْفَعَ الْخَاصُّ. وَلَنَا: أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْخَاصِّ عَمَلًا بِكِلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ ; فَكَانَ أَوْلَى، فَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا. وَمُتَعَارِضَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْعَامِّ وَنَسْخِهِ الْخَاصَّ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُخَصُّ عُمُومُ السَّنَةِ بِالْكِتَابِ، وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَوْلًا لَنَا ; لِأَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لَهُ ; فَلَوْ خَصَّهَا لَبَيَّنَهَا ; فَيَتَنَاقَضُ. وَلَنَا: أَنَّ مَا بَيَّنَتْهُ مِنْهُ لَا يُبَيِّنُهَا وَبِالْعَكْسِ، أَوْ يُبَيِّنُ كُلٌّ مِنْهَا الْآخَرَ بِاعْتِبَارِ جِهَتَيْنِ ; فَلَا تَنَاقُضَ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا يُخَصُّ عُمُومُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِضَعْفِهِ عَنْهُ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ: يُخَصَّصُ الْمُخَصِّصُ دُونَ غَيْرِهِ. بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ الْمُخَصَّصَ مَجَازٌ ; فَيَضْعُفُ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ، إِذِ الْكِتَابُ قَطْعِيُّ السَّنَدِ، وَالْخَبَرُ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ فَيَتَعَادَلَانِ. لَنَا: إِرَادَةُ الْخَاصِّ أَغْلَبُ مِنْ إِرَادَةِ عُمُومِ الْعَامِّ ; فَقُدِّمَ لِذَلِكَ، وَأَيْضًا تَخْصِيصُ الصَّحَابَةِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٤] ، بِـ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، وَآيَةَ الْمِيرَاثِ بِـ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ. وَالْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. وَلَا إِرْثَ لِقَاتِلٍ، وَنَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، وَعُمُومَ الْوَصِيَّةِ بِـ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. وَ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٣٠] ، بِـ «حَتَّى يَذُوقَ عَسِيلَتَكِ» . مُتَسَارِعِينَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ تَارِيخٍ. وَدَعْوَى الْوَاقِفِيَّةِ التَّعَادُلَ مَمْنُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا. وَإِلَّا لَتَوَقَّفَ الصَّحَابَةُ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute