للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الْأَنْعَامِ: ١٤٥] ; فَكَذَا قِيَاسُ الْخَمْرِ عَلَى النَّبِيذِ يَكُونُ مُخَصِّصًا لَهُ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ كَأَصْلِهِ الَّذِي هُوَ النَّصُّ.

قَوْلُهُ: «الثَّانِي» ، أَيِ: احْتَجَّ الثَّانِي وَهُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْعَامَّ لَا يُخَصُّ بِقِيَاسِ النَّصِّ الْخَاصِّ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ النَّصَّ الَّذِي هُوَ الْعَامُّ أَصْلٌ، وَالْقِيَاسُ فَرْعٌ ; فَلَوْ خُصَّ الْعَامُّ بِهِ، لَقُدِّمَ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَامَّ يُفِيدُ مِنَ الظَّنِّ أَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُهُ الْقِيَاسُ مِنْهُ، لِمَا مَرَّ فِي تَقْدِيمِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأَقَلِّ فَائِدَةً عَلَى الْأَكْثَرِ فَائِدَةً.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ مُعَاذًا فِي حَدِيثِهِ الْمَشْهُورِ قَدَّمَ السُّنَّةَ عَلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقِيَاسُ أَخَصَّ أَوْ أَعَمَّ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْعَامِّ عَلَى قِيَاسِ النَّصِّ الْخَاصِّ ; فَلَا يُخَصُّ بِهِ النَّصُّ الْعَامُّ.

قُلْتُ: وَيُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ:

أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ ; فَبِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيمُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ، وَالْقِيَاسُ هَاهُنَا لَيْسَ فَرْعًا لِلْعَامِّ، بَلْ لِلنَّصِّ الْخَاصِّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنَ الْعَامِّ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَرْعُ الْأَصْلِ الْقَوِيِّ أَقْوَى مِنَ الْأَصْلِ الضَّعِيفِ.

وَأَمَّا عَنِ الثَّانِي ; فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَامَّ يُفِيدُ مِنَ الظَّنِّ أَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُهُ الْقِيَاسُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي النَّصِّ الْخَاصِّ مَعَ الْقِيَاسِ، كَحَدِيثِ نَقْضِ الْوُضُوءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>