. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَلَيْهِ ; فَاسْتَثْنَاهُ مِنْهُمْ، وَإِذَا كَانَ دُخُولُ الْمُسْتَثْنَى وَإِخْرَاجُهُ لَفْظِيًّا: لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ تَنَاقُضٌ.
وَلِمَا تَخَيَّلَهُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ تَعْرِيفَ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْإِخْرَاجِ تَنَاقُضٌ، ذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَدْخُلُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُخُولًا مُرَاعًى مَوْقُوفًا عَلَى عَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنْ وَرَدَ الْمُسْتَثْنَى، لَمْ يَسْتَقِرَّ دُخُولُهُ، وَإِلَّا اسْتَقَرَّ.
مِثَالُهُ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ; فَالطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ، وَالدِّرْهَمُ الْعَاشِرُ دَاخِلَانِ فِي النِّسْبَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَثْنِيَهُمَا الْمُتَكَلِّمُ ; فَيَسْتَقِرُّ دُخُولُهُمَا، فَإِنِ اسْتَثْنَاهُمَا، لَمْ يَسْتَقِرَّ دُخُولُهُمَا. وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا، ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى شَيْئًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.
وَهَذَا التَّقْرِيرُ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْمُسْتَثْنَى وَخُرُوجَهُ لَفْظِيَّانِ، وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ لَا يَصِحُّ، يُشْكَلُ عَلَيْهِ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ، مَعَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُؤَاخَذٌ بِمُوجَبِ إِقْرَارِهِ، كَمَا أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِمُوجَبِ إِيقَاعِهِ الطَّلَاقَ، فَلَمَّا اتَّفَقْنَا عَلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْمُسْتَثْنَى لَفْظِيٌّ كَمَا قُلْنَا، لَا مَعْنَوِيٌّ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ رَفْعِ الْوَاقِعِ، بَلْ مِنْ بَابِ مَنْعِ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْنَى، أَوْ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ الْمَحْضِ، وَبَيَانِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُرَادٍ. وَحِينَئِذٍ تَتَقَارَبُ الْأَقْوَالُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، بَلْ تَتَّفِقُ، وَيَعُودُ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute