للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَرَاغِهِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا دِرْهَمًا ; يَنْوِي اسْتِثْنَاءَ الدِّرْهَمَ قَبْلَ قَوْلِهِ: عَشَرَةٌ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، كَانَ جَازِمًا بِوُقُوعِ الْمُسْتَثْنَى وُقُوعًا مُسْتَقِرًّا ; فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ رُجُوعًا مَحْضًا عَمَّا أَوْقَعَهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا نَوَاهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ; فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنْعًا لِدُخُولِهِ، وَرَفْعًا لَهُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ، كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

الْفَرْعُ الثَّانِي: قَدْ بَيَّنَّا مَا يَصِحُّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ، وَمَا يَبْطُلُ وَثَبَتَ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} ، {إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} [الْحِجْرِ: ٥٨: ٦٠] ، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَّا دِرْهَمًا.

فَإِذَا تَخَلَّلَ الِاسْتِثْنَاءَاتِ اسْتِثْنَاءٌ بَاطِلٌ ; فَهَلْ يُلْغَى ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الْبَاطِلُ وَمَا بَعْدَهُ ; أَوْ يُلْغَى وَحْدَهُ وَيُرْجَعُ مَا بَعْدَهُ إِلَى مَا قَبْلَهُ ; أَوْ يُنْظَرُ إِلَى مَا تَئُولُ إِلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءَاتِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

وَلْنَضْرِبْ أَمْثِلَةً بِأَنْوَاعِ الِاسْتِثْنَاءِ الْبَاطِلِ، وَهِيَ الْمُسْتَغْرِقُ بِاتِّفَاقٍ، وَالْأَكْثَرُ وَالنِّصْفُ عَلَى الْخِلَافِ.

مِثَالُ الْمُسْتَغْرِقِ: قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا وَاحِدًا.

فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: إِلَّا عَشَرَةً ; لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُسْتَغْرِقٌ بَاطِلٌ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا وَاحِدًا ; لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَلَى اسْتِثْنَاءٍ بَاطِلٍ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يَلْغُو الْمُسْتَغْرِقُ وَحْدَهُ تَخْصِيصًا لِلْبُطْلَانِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>