للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بِقَوْلِهِ: «عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ» عَنِ السَّبَبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ السَّبَبُ ; فَصَارَ قَوْلُنَا: «مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ» ، كَافِيًا فِي تَعْرِيفِ الشَّرْطِ، اللَّهُمَّ إِلَّا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ السَّبَبَ مَا حَصَلَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ لَا بِهِ، فَإِنْ تَصَوَّرَ لَنَا حُكْمٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ، وَالشَّرْطُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهَا عَلَيْهِ، وَالسَّبَبُ الَّذِي يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ لَا بِهِ ; كَانَ قَوْلُنَا: «عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ» ، احْتِرَازًا عَنِ السَّبَبِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْعِلَّةِ، لَكِنْ لَا عَلَى جِهَةِ تَوَقُّفِهِ عَلَى السَّبَبِ الْمَذْكُورِ، مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ.

- قَوْلُهُ: «فَيُسَاوِي مَا سَبَقَ» ، أَيْ: فَيُسَاوِي هَذَا التَّعْرِيفُ لِلشَّرْطِ مَا سَبَقَ مِنْ تَعْرِيفِهِ «عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ» فِي خِطَابِ الْوَضْعِ، وَهُوَ قَوْلُنَا: الشَّرْطُ مَا لَزِمَ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ ; لِأَنَّ مَا لَزِمَ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ، تَوَقَّفَ وُجُودُ ذَلِكَ الْأَمْرِ عَلَى وُجُودِهِ، كَالْإِحْصَانِ ; لَمَّا لَزِمَ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الرَّجْمِ، تَوَقَّفَ وُجُودُ الرَّجْمِ عَلَى وُجُودِهِ، وَهَاهُنَا وَجَبَ قَوْلُنَا: عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ ; لِأَنَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ فِيهِ لِذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ السَّبَبُ ; فَاحْتَجْنَا أَنْ نَحْتَرِزَ عَنْهَا ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَائِهَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ، لَكِنْ لَا عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الشَّرْطِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي وُجُودِ الْحُكْمِ ; فَانْتِفَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ تَأْثِيرِهَا فِي وُجُودِهِ، وَالشَّرْطُ لَيْسَ مُؤَثِّرًا فِي وُجُودِ الْحُكْمِ، بَلْ هُوَ مُصَحِّحٌ لِتَأْثِيرِ الْمُؤَثِّرِ ; فَوَجَبَ الِاحْتِرَازُ فِي حَدِّ الشَّرْطِ عَنِ السَّبَبِ بِمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ قَوْلِنَا هَاهُنَا: مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ، فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الْعِلَّةُ، وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي هَذَا الْحَدِّ، حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهَا بِقَوْلِنَا: عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ ; لِأَنَّهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ، بَلْ هِيَ الْمُؤَثِّرُ نَفْسُهُ. وَحِينَئِذٍ قَوْلُنَا هَاهُنَا: مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>