للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غَيْرِهَا ; كَانَتْ رُتْبَةُ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ فِيهَا أَعْلَى.

- قَوْلُهُ: «وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ» ، يَعْنِي الْإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي «لَفْظٍ وَاحِدٍ» بِاعْتِبَارِ الْجِهَتَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النِّسَاءِ: ٩٢] ، «قُيِّدَتْ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ» ، بِالْإِيمَانِ، «وَأُطْلِقَتْ مِنْ حَيْثُ سِوَاهُ» ، كَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَالنَّسَبِ وَالْبَلَدِ ; فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ مِنْ جِهَةٍ، مُطْلَقَةٌ مِنْ جِهَةٍ.

وَكَذَلِكَ «يُقَالُ: فِعْلٌ مُقَيَّدٌ، أَوْ مُطْلَقٌ، بِاعْتِبَارِ اخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ مَفَاعِيلِهِ، مِنْ ظَرْفِ» زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ، وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَفَاعِيلِ، كَالْمَصْدَرِ، وَالْعِلَّةِ، وَالْآلَةِ، وَمَحَلِّ الْفِعْلِ، وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ.

وَمِثَالُ هَذَا: مَا سَبْقَ لَنَا فِي أَنَّ الْأَمْرَ لِلْفَوْرِ وَالتَّكْرَارِ أَمْ لَا؟ حَيْثُ قُلْنَا: إِنَّ الْأَمْرَ كَقَوْلِهِ: صَلِّ، مَثَلًا، مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ، لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ ; فَكَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَرَاخٍ، وَلَا مَرَّةٍ وَلَا مِرَارٍ.

وَقَدْ يُقَيَّدُ الْفِعْلُ بِبَعْضِ مَفَاعِيلِهِ دُونَ بَعْضٍ ; فَيَكُونُ مُطْلَقًا مُقَيَّدًا، بِالْإِضَافَةِ إِلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ: صُمْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ; فَالصَّوْمُ مُقَيَّدٌ مِنْ جِهَةِ ظَرْفِ الزَّمَانِ ; مُطْلَقٌ مِنْ جِهَةِ ظَرْفِ الْمَكَانِ، وَلَوْ قَالَ: صُمْ فِي مَكَّةَ يَوْمَيْنِ لَكَانَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>