. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «قَالَ» : يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ احْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُقَيَّدِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ الْمُطْلَقِ، «وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ» فَلَوْ حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، لَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْمُطْلَقِ، وَالنَّسْخُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ; فَيَجِبُ تَرْكُهُ مَا أَمْكَنَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُطْلَقَ كَلَامُ الشَّارِعِ الْحَكِيمِ، «وَكَلَامُ الْحَكِيمِ يُحْمَلُ عَلَى إِطْلَاقِهِ» ، لِوُجُوبِ اسْتِقْلَالِهِ بِالْفَائِدَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَائِلُهُ حَكِيمًا، وَقَدْ فَرَضْنَاهُ حَكِيمًا، هَذَا خُلْفٌ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ دَلَالَةَ الْمُقَيَّدِ عَلَى عَدَمِ إِفَادَةِ الْمُطْلَقِ لِحُكْمِهِ، إِنَّمَا هُوَ «مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ» .
وَبَيَانُهُ أَوْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» ، إِنَّمَا دَلَّ بِمَفْهُومِهِ - عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُرْشِدِ لَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ - لَا بِمَنْطُوقِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ ; لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَيْنَا ; «لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا» .
- قَوْلُهُ: «قُلْنَا: الْأَوَّلُ، وَنَصِّيَّتُهُ عَلَى إِرَادَةِ الْمُطْلَقِ مَمْنُوعَانِ» .
«الْأَوَّلُ» : إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: «الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ» أَيْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ نَسْخٌ. وَقَدْ سَبَقَ وَجْهُ الْمَنْعِ فِي بَابِ النَّسْخِ، وَكَذَلِكَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَنْصُوصٌ عَلَى إِرَادَتِهِ مُجَرَّدًا، بَلْ بِقَيْدِ الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي دَلِيلِهِ ادَّعَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُطْلَقَ مَنْصُوصٌ عَلَى إِرَادَتِهِ.
الثَّانِي: أَنَّ التَّقْيِيدَ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ ; فَمَنَعْنَا الْأَمْرَيْنِ.
«وَالثَّانِي» : وَهُوَ قَوْلُهُ: «كَلَامُ الْحَكِيمِ يُحْمَلُ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَإِلَّا لَمَا اسْتَقَلَّ بِالْفَائِدَةِ ; فَيَقْدَحُ فِي حِكْمَتِهِ» «مُعَارِضٌ، بِأَنَّ الْحَكِيمَ لَا يَأْمُرُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ