للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التَّكْوِيرِ: ١٨] ، أَوْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَقْسَمَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إِذْهَابِ اللَّيْلِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} ، أَيْ: أَدْبَرَ، وَعَلَى الْإِتْيَانِ بِالنَّهَارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَاخْتِلَافَهُمَا، مِنْ أَعْجَبِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَدَلِّهَا عَلَى قُدْرَةِ الْبَارِئِ وَحِكْمَتِهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَلِذَلِكَ كَثُرَ ذِكْرُهُمَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، نَحْوَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الْبَقَرَةِ: ١٦٤] ، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الْحَدِيدِ: ٦] ، {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [الْقَصَصِ: ٧٣] ، فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ.

وَكَذَلِكَ «بَانَ» بِمَعْنَى ظَهَرَ، وَمِنْهُ: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٥٦] ، {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} [النُّورِ: ١٨] ، وَبَانَ بِمَعْنَى غَابَ وَاخْتَفَى، وَمِنْهُ: بَانَتْ سُعَادُ، بَانَ الْخَلِيطُ، وَمِنْهُ الْبَيْنُ، وَهُوَ الْفِرَاقُ وَالْبُعْدُ، وَمِنْهُ: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الْأَنْعَامِ: ٩٤] ، وَغُرَابُ الْبَيْنِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.

وَأَمَّا فِي الْحُرُوفِ ; فَنَحْوُ «تَرَدُّدِ الْوَاوِ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ فِي نَحْوِ» قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آلِ عِمْرَانَ: ٧] ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، مُسْتَوْفًى بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهُ. وَكَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْعَطْفِ وَالْحَالِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الْأَنْفَالِ: ٦٦] .

لِأَنَّهَا إِنْ جُعِلَتْ عَاطِفَةً، لَزِمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِضَعْفِهِمْ حَدَثَ الْآنَ، وَبِهِ احْتَجَّ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى حُدُوثِ عِلْمِ الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ بِالْمَعْلُومَاتِ.

وَإِنْ جُعِلَتْ حَالِيَّةً، كَانَ تَقْدِيرُهُ: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ، عَالِمًا أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ; فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا يَضْعُفُ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُوجِبُ إِضْمَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>